مد بَصَره أَو يضيق عَلَيْهِ وَنحن ونجده بِحَالهِ ونجد مساحته على حد مَا حفرناها لم يزدْ وَلم ينقص وَكَيف يسع ذَلِك اللَّحْد الضّيق لَهُ وللملائكة وللصورة الَّتِي تؤنسه أَو توحشه قَالَ إخْوَانهمْ من أهل الْبدع والضلال وكل حَدِيث يُخَالف مُقْتَضى الْعُقُول والحس يقطع بتخطئة قَائِله قَالُوا وَنحن نرى المصلوب على خَشَبَة مُدَّة طَوِيلَة لَا يسْأَل وَلَا يُجيب وَلَا يَتَحَرَّك وَلَا يتوقد جِسْمه نَارا وَمن افترسته السبَاع ونهشته الطُّيُور وَتَفَرَّقَتْ أجزاؤه وَفِي أَجْوَاف السبَاع وحواصل الطُّيُور وبطون الْحيتَان ومدارج الرِّيَاح كَيفَ تسْأَل أجزاؤه مَعَ تفرقها وَكَيف يتَصَوَّر مَسْأَلَة الْملكَيْنِ لمن هَذَا وَصفه وَكَيف يصير الْقَبْر على هَذَا رَوْضَة من رياض الْجنَّة أَو حُفْرَة من حفر النَّار وَكَيف يضيق عَلَيْهِ حَتَّى تلتئمه أضلاعه وَنحن نذْكر أمورا يعلم بهَا الْجَواب
فصل الْأَمر الأول أَن يعلم أَن الرُّسُل صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم لم يخبروا
بِمَا تحيله الْعُقُول وتقطع باستحالته بل اخبارهم قِسْمَانِ
أَحدهمَا مَا تشهد بِهِ الْعُقُول وَالْفطر
الثَّانِي مَالا تُدْرِكهُ الْعُقُول بمجردها كالغيوب الَّتِي أخبروا بهَا عَن تفاصيل البرزخ وَالْيَوْم الآخر وتفاصيل الثَّوَاب وَالْعِقَاب وَلَا يكون خبرهم محالا فِي الْعُقُول أصلا وكل خبر يظنّ أَن الْعقل يحيله فَلَا يَخْلُو من أحد أَمريْن أما يكون الْخَبَر كذبا عَلَيْهِم أَو يكون ذَلِك الْعقل فَاسِدا وَهُوَ شُبْهَة خيالية يظنّ صَاحبهَا أَنَّهَا مَعْقُول صَرِيح قَالَ تَعَالَى {وَيرى الَّذين أُوتُوا الْعلم الَّذِي أنزل إِلَيْك من رَبك هُوَ الْحق وَيهْدِي إِلَى صِرَاط الْعَزِيز الحميد} وَقَالَ تَعَالَى {أَفَمَن يعلم أَنما أنزل إِلَيْك من رَبك الْحق كمن هُوَ أعمى} وَقَالَ تَعَالَى الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يفرحون بِمَا أنزل اليك وَمن الْأَحْزَاب من يُنكر بعضه والنفوس لَا تفرح بالمحال وَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّاس قد جاءتكم موعظة من ربكُم وشفاء لما فِي الصُّدُور وَهدى وَرَحْمَة للْمُؤْمِنين قل بِفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا} والمحال لَا يشفي وَلَا يحصل بِهِ هدى وَلَا رَحْمَة وَلَا يفرح بِهِ فَهَذَا أَمر من لم يسْتَقرّ فِي قلبه خير وَلم يثبت لَهُ على الْإِسْلَام قدم وَكَانَ أحسن أَحْوَاله الْحيرَة وَالشَّكّ
فصل الْأَمر الثانى أَن يفهم عَن الرَّسُول مُرَاد من غير غلو وَلَا
تَقْصِير فَلَا يحمل كَلَامه مَالا يحْتَملهُ وَلَا يقصر بِهِ عَن مُرَاده وَمَا قَصده من الْهدى وَالْبَيَان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute