الْجَواب عَنهُ أَن ذَلِك لَا يمْنَع إِذن الشَّارِع للْمُسلمِ أَن ينفع أَخَاهُ بِشَيْء من عمله بل هَذَا من تَمام إِحْسَان الرب وَرَحمته لِعِبَادِهِ وَمن كَمَال هَذِه الشَّرِيعَة الَّتِي شرعها لَهُم الَّتِي مبناها على الْعدْل وَالْإِحْسَان والتعارف والرب تَعَالَى أَقَامَ مَلَائكَته وَحَملَة عَرْشه يدعونَ لِعِبَادِهِ الْمُؤمنِينَ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُم ويسألونه لَهُم أَن يقيهم السَّيِّئَات وَأمر خَاتم رسله أَن يسْتَغْفر للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات وبقيمة يَوْم الْقِيَامَة مقَاما مَحْمُودًا ليشفع فِي العصاة من أَتْبَاعه وَأهل سنته وَقد أمره تَعَالَى أَن يصلى على أَصْحَابه فِي حياتهم وَبعد مماتهم وَكَانَ يقوم على قُبُورهم فيدعو لَهُم وَلَقَد اسْتَقَرَّتْ الشَّرِيعَة على أَن المأثم الَّذِي على الْجَمِيع بترك فروض للكفايات يسْقط إِذا فعله من يحصل الْمَقْصُود بِفِعْلِهِ وَلَو وَاحِد وَأسْقط سُبْحَانَهُ الارتهان وحرارة الْجُلُود فِي الْقَبْر بِضَمَان الْحَيّ دين الْمَيِّت وأدائه عَنهُ وَإِن كَانَ ذَلِك الْوُجُوب امتحانا فِي حق الْمُكَلف وَأذن النَّبِي فِي الْحَج وَالصِّيَام عَن الْمَيِّت وَإِن كَانَ الْوُجُوب امتحانا فِي حَقه وَأسْقط عَن الْمَأْمُوم سُجُود السَّهْو بِصِحَّة صَلَاة الإِمَام وخلوها من السَّهْو وَقِرَاءَة الْفَاتِحَة بتحمل الإِمَام لَهَا فَهُوَ يتَحَمَّل عَن الْمَأْمُوم سَهْوه وقراءته وسترته لقِرَاءَة الإِمَام وسترته قِرَاءَة لمن خَلفه وسترة لَهُ وَهل الْإِحْسَان إِلَى الْمُكَلف بإهداء الثَّوَاب إِلَيْهِ إِلَّا تأس بِإِحْسَان الرب تَعَالَى وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ
والخلق عِيَال الله فأحبهم إِلَيْهِ أنفعهم لِعِيَالِهِ وَإِذ كَانَ سُبْحَانَهُ يحب من ينفع عِيَاله بِشَربَة مَاء ومذاقة لبن وكسرة خبز فَكيف من يَنْفَعهُمْ فِي حَال ضعفهم وفقرهم وَانْقِطَاع أَعْمَالهم وحاجتهم إِلَى شَيْء يهدى إِلَيْهِم أحْوج مَا كانونا اليه فَأحب الْخلق إِلَى الله من ينفع عِيَاله فِي هَذِه الْحَال
وَلِهَذَا جَاءَ أثر عَن بعض السّلف أَنه من قَالَ كل يَوْم سبعين مرّة رب اغْفِر لي ولوالدي وللمسلمين وَالْمُسلمَات وَالْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات حصل لَهُ من الْأجر بِعَدَد كل مُسلم ومسلمة وَمُؤمن ومؤمنة وَلَا تستبعد هَذَا فَإِنَّهُ إِذا اسْتغْفر لإخوانه فقد أحسن إِلَيْهِم وَالله لَا يضيع أجر الْمُحْسِنِينَ
فصل وَأما قَوْلكُم انه لَو نَفعه عمل غَيره لنفعه تَوْبَته عَنهُ وإسلامه عَنهُ
فَهَذِهِ الشُّبْهَة تورد على صُورَتَيْنِ
صُورَة تلازم يدعى فِيهَا اللُّزُوم بَين الْأَمريْنِ ثمَّ يبين انْتِفَاء اللَّازِم فَيَنْتَفِي ملزومه وَصورتهَا هَكَذَا لَو نَفعه علم الْغَيْر عَنهُ لنفعه إِسْلَامه وتوبته عَنهُ لَكِن لَا يَنْفَعهُ ذَلِك فَلَا يَنْفَعهُ عمل الْغَيْر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute