ثمَّ ارتحل إِلَى زبيد واشتغل فِيهَا بالفقه على الْعَلامَة أبي حَفْص عمر الْفَتى وَنجم الدّين يُوسُف الْمقري بن يُونُس الجباي وَبِهِمَا تخرج وانتفع وَأخذ الْأُصُول عَن السفيكي والجبائي والْحَدِيث عَن الْحَافِظ يحيى العامري وَعَن الصّديق الطّيب المطيب والحساب والفرائض عَن موفق الدّين النَّاشِرِيّ والعلامة الْحُسَيْن الصباحي بتعز وَغَيرهم وبرع فِي عُلُوم كَثِيرَة وتميز فِي الْفِقْه حَتَّى كَانَ فِيهِ أوحد وقته
وَمن مصنفاته الْمَشْهُورَة فِي الْفِقْه الْعباب وَالْمُحِيط بمعظم نُصُوص الشَّافِعِي وَالْأَصْحَاب وَهُوَ كاسمه وكما وَصفه جَامعه رَحمَه الله إِذْ قَالَ شعر ... إِلَّا أَن الْعباب أجل سفر ... من الْكتب الْقَدِيمَة والجديده
كتاب قد تعبت عَلَيْهِ دهراً ... وخضت لجمعه كتبا عديده
وَقربت القصي لطالبيه ... وَقد كَانَت مسافته بعيده
وغصت على الخبايا فِي الزوايا ... فها هِيَ فِيهِ بارزة عتيده
وَكم قد رضت فِيهِ جِيَاد فكري ... وَمَرَّتْ لي بِهِ مدد مديده
إِلَى أَن بلغ الرَّحْمَن مِنْهُ ... مرادي من مواهبه المديده
فدونك كنز علم لست تلقى ... مدى الْأَزْمَان فِي الدُّنْيَا مديده
وثق بِجَمِيعِ مَا فِيهِ فَانِي ... منحت الْعلم فِيهِ مستفيده
إلهي اجْعَلْهُ لي ذخْرا وضاعف ... ثوابي من عطاياك الحميده
وجد بقبوله وَاجعَل جزائي ... رضاك وجنة الْخلد المشيده
بجاه مُحَمَّد خير البرايا ... وتنقذهم عَن الكرب الشديده
وصل مُسلما أبدا عَلَيْهِ ... وَعم جَمِيع عترته السعيده ...
وَهُوَ على أسلوب الرَّوْض جمع فِي مسَائِل الرَّوْض ومسائل التَّجْرِيد وَهُوَ كتاب عَظِيم جَامع لأكْثر أَقْوَال الإِمَام الشَّافِعِي وَأَصْحَابه وأبحاث الْمُتَأَخِّرين مِنْهُم على الْغَايَة من جزالة اللَّفْظ وَحسن التَّقْسِيم وَلَقَد اشْتهر هَذَا الْكتاب فِي الْآفَاق وَوَقع على حسنه ونفاسته الاجماع والاتفاق وَكثر اعتناء النَّاس بِشَأْنِهِ وانتفاع الطّلبَة بِهِ واغتباطهم ببيانه واعتناء غير وَاحِد من عُلَمَاء الْإِسْلَام بشرحه كالعارف شيخ الْإِسْلَام أبي الْحسن الْبكْرِيّ فانه شَرحه بشرحين صَغِير وكبير كتب الصَّغِير أَولا وَجعله