قَالَ الْعَلامَة بحرق وَلَقَد كنت اسْتشْكل أَشْيَاء تصدر من سيد الشَّيْخ أبي بكر العيدروسي قدس الله روحه تقصر عَنهُ عقول أمثالنا القاصرة وَلَكِنِّي كنت بِتَوْفِيق الله أعرضها على أَرْبَاب البصائر فَمَا مِنْهُم إِلَّا ويأمرني بِالتَّسْلِيمِ وَيشْهد عِنْدِي بعلو مقَام سَيِّدي وانه على هدى من ربه الْعَلِيم مِنْهَا أَنِّي عرضت على الْفَقِيه مُحَمَّد بن أَحْمد باجرفيل تَصَرُّفَات مَالِيَّة يُبَاشر سَيِّدي فِي قبضهَا وصرفها فِي ظَاهر الْأَمر فِي غير مصارفها فَقَالَ لي أَنا أشهد أَنه أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَالِك للتولية والعزل والحل وَالْعقد والتصرفات كلهَا وَأشْهد أَنه أفضل أهل الأَرْض ظَاهرا وَبَاطنا فَقلت لَهُ أما الْبَاطِن فبصائرنا عَنهُ قَاصِرَة وَأما الظَّاهِر فَمَا وَجهه فَقَالَ وَجهه أَن أهل الْبَيْت أفضل من سَائِر النَّاس وَآل باعلوي الْيَوْم أفضل من سَائِر أهل الْبَيْت باتبَاعهمْ السّنة وَلما اشْتهر لَهُم من الْعِبَادَة والزهادة وَالْكَرم وَحسن الْأَخْلَاق وَالشَّيْخ أَبُو بكر أفضل آل باعلوي بالِاتِّفَاقِ فَهُوَ أفضل أهل زَمَانه
وفيهَا فِي يَوْم السبت خَامِس عشر شَوَّال توفّي الْفَقِيه الْمنور الْمُتَّفق على جلالة قدره علما وَعَملا وورعاً جمال الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد الشهير بِابْن عَليّ أَبَا فضل السَّعْدِيّ نِسْبَة إِلَى سعد الْعَشِيرَة الْحَضْرَمِيّ ثمَّ الْعَدنِي رَحمَه الله بعدن وحزن النَّاس عَلَيْهِ وَكثر تأسفهم على فَقده رَحمَه الله
وَكَانَ مولده فِي حضر موت بتريم سنة أَرْبَعِينَ وَثَمَانمِائَة ثمَّ ارتحل فِي طلب الْعلم إِلَى عدن وَأخذ عَن الامامين الفاضلين مُحَمَّد بن مَسْعُود باشكيل وَمُحَمّد بن أَحْمد باحميش وجد فِي الطّلب ودأب حَتَّى برع فِي الْعُلُوم وانتصب للتدريس وَالْفَتْوَى وَصَارَ من أَعْلَام الدّين وَالتَّقوى وَكَانَ إِمَامًا كَبِيرا عَالما عَاملا محققاً ورعاً زاهداً مُجْتَهدا عابداً مُقبلا على شانه تَارِكًا لما لَا يعنيه ذَا مقامات وأحوال وكرامات وَكَانَ حسن التَّعْلِيم لين الْجَانِب متواضعاً صبوراً مثابراً على السّنة مُعظما لأهل الْعلم
وَكَانَ هُوَ وَصَاحبه الْعَلامَة عفيف الدّين عبد الله بن أَحْمد بامحزمه عُمْدَة الْفَتْوَى بعدن وَكَانَ بَينهمَا من التوادد والتناصف مَا هُوَ مَشْهُور