للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَين الطّلبَة يؤدبهم بِلِسَانِهِ وحاله ويزهدهم فِي الدِّينَا وَيكرهُ لَهُم الِاشْتِغَال بهَا ويزجرهم عَن مجالسة الْجُهَّال وَأهل الْأَهْوَاء وَلَا يرضى لَهُم الترشيح لوظائف الْأَحْكَام وَيَأْمُرهُمْ بالتحلي بحلية الْكَمَال ويحثهم على الِاشْتِغَال بِالْعلمِ ومطالعة الْكتب المبسوطة وَلَا يرضى لَهُم بالاقتصار على المختصرات ويستعين يهم على المشكلات المدلهمة والفتاوي المعضلية المهمة وكل ذَلِك بِسَبَب الألفة لقُلُوبِهِمْ وَإِلَّا فهم لَا يُنكرُونَ استغناءه عَنْهُم ورسوخ الْعلم فِي قلبه وَقد بشر بِهِ بعض الصَّالِحين قبل مولده

أخبر وَالِده عبد الْكَرِيم رَحمَه الله أَنه دخل مَسْجِدا بزبيد يُقَال لَهُ مَسْجِد الزيالع قَالَ قصدت ذَلِك الْمَسْجِد الْمَذْكُور يتأملني من ورائي فَقَالَ لي يَا فَقِيه تقرا فِي الْعلم فَقلت لَا فَقَالَ لَو قَرَأت لَكُنْت منصفا فقما بلغ وَلَده وَهُوَ كانيحكي بِهَذِهِ الْحِكَايَة وَيَقُول كَأَنَّهُ رأى عبد الرَّحْمَن فِي صلبي

قلت وَلَا يبعد ذَلِك على أهل الله تعلى فقد أذكرتني هَذِه الْحِكَايَة مَا نقلته عَن خطّ الْحَافِظ الْمسند أَمَام الحَدِيث النَّبَوِيّ بزبيد أقضى الْقُضَاة مجد الدّين الشِّيرَازِيّ صَاحب الْقَامُوس أَحْمد بن عبد اللَّطِيف الشرجي وَصُورَة ذَلِك حكى لي حفظه الله وأبقاه وَالْإِشَارَة بذلك إِلَى الْمجد الْمَذْكُور إِنَّه دخل فِي بعض السنين مَدِينَة قُم فَسمِعت بِأَن كتبا تعرض للْبيع فَذَهَبت إِلَى بَيت صَاحبهَا فَأَدْخلنِي وأحضر الْكتب بَين يَدي ومددت يَدي إِلَى كتاب مِنْهَا وفتحته فَإِذا هُوَ بِخَط أبي فَقلت هَذَا خطّ وَالِدي فَقَالَ مَا أسم والدك فَقلت يَعْقُوب ابْن ابراهيم الفيروزابادي قَالَ فَقَامَ الرجل إِلَيّ وَقبل راسي وَقَالَ صدقت كَأَن جَاءَنِي والدك فِي بعض السنين إِلَى غَار من مغارات هَذَا الْجَبَل وَأَنا مُنْقَطع إِلَى الله فِيهِ لِلْعِبَادَةِ فَأَقَامَ عِنْدِي أَيَّامًا وَنسخ لي هَذَا الْكتاب فِيهِ وَكَانَ يخدمني ويتعبد معي فاتفق فِي بعض الْأَيَّام أَن قلت لَهُ يَا شيخ يَعْقُوب مَا ترى ننزل إِلَى الْمَدِينَة فَتدخل الْحمام ونتنظف فَقَالَ الْأَمر إِلَيْك فِي ذَلِك فنزلنا فَلَمَّا دَخَلنَا الْحمام قلت لَهُ هَات ظهرك لأحكه فَامْتنعَ عَليّ وَقَالَ أولى بخدمتك فلازمته على ذَلِك

<<  <   >  >>