الِاعْتِبَار يكون الشَّيْخ عبد الله العيدروس رَضِي الله عَنهُ جده من الطَّرفَيْنِ وَهُوَ أول من وَقع لَهُ ذَلِك فِيمَا علمت وَقد وَقع لأَوْلَاد اختى سلمى مثل ذَلِك وَلم يكن الْآن عقب لسيدي الشَّيْخ أبي بكر إِلَّا من أم صَاحب التَّرْجَمَة وَلذَا تصدر الْمشَار إِلَيْهِ بِمَسْجِد جده بعدن بعد أَخِيه شقيقه السَّيِّد مُحَمَّد المتوفي بِمَكَّة المشرفة فِي سنة ثَمَان وَسبعين وَتِسْعمِائَة فَقَامَ بالْمقَام أتم قيام ومشي فِي ذَلِك على سنَن آبَائِهِ الْكِرَام واشتهر بِتِلْكَ الْجِهَة شهرة عَظِيمَة وَكثر اعْتِقَاد النَّاس فِيهِ ومحبتهم لَهُ وَلم يزل على السِّيرَة الحميدة إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى
وَكَانَ قد جمله الله تَعَالَى بعقل كَامِل وزينة بِفضل شَامِل لَهُ أَخْلَاق الطف من نسيم السحر وأوصاف كالمسك إِذا فاح وانتشر ذُو علم فائض زخار وَفضل يتدفق تدفق الْأَنْهَار قد زاحم فِي الْفضل من تقدم وارتقى فِيهِ إِلَى الْمحل الأقوم فَصَارَ مِمَّن يشار إِلَيْهِ بالأصابع وَمِمَّنْ يعول على رَأْيه فِي الْأَمر الشاسع أَخذ الْعُلُوم عَن جمَاعَة لَا يُحصونَ من الْمَشَايِخ ومقروآته كَثِيرَة جدا وبرع فِي عُلُوم شَتَّى
وَحكي انه كَانَت لَهُ فِي جَمِيع الْعُلُوم يَد طولى ومهارة تَامَّة وانما ترك التدريس والتصنيف لشدَّة خموله وَكَانَ مُتبعا للْكتاب وَالسّنة سالكاً على طَريقَة السّلف الصَّالح متسما بالإستقامة التَّامَّة مَعَ كَثْرَة الْعِبَادَة ودوام الِاجْتِهَاد وَكَانَ مَعَ جلالة قدره وَعظم جاهه كثير التَّوَاضُع بل ينسبونه إِلَى الافراط فِيهِ ويميل إِلَى الخمول الْكُلِّي حَتَّى قيل انه انشد بَين يَدَيْهِ بعض المنشدين قصيدة فِي مدحه فَغَضب وامر باقامته من ذَلِك الْمجْلس إِلَى غير ذَلِك من المحاسن الَّتِي زينه الله بهَا وشرفها بِهِ وأنعم بهَا عَلَيْهِ فَكَانَ أَحَق بهَا وَأَهْلهَا واجمع على عظم حَاله وجلالته وفضله وكماله غير وَاحِد من الأخيار وكافة عُلَمَاء الْأَمْصَار
وَنقل عَن بعض العارفين انه قَالَ إِذا شَاب شعر ذِرَاعَيْهِ بلغ رُتْبَة القطبية وَكَانَت لَهُ كرامات عديدة واحوال سديدة واوصاف حميدة
وَبِالْجُمْلَةِ بإنه كَانَ بَقِيَّة الشُّيُوخ الَّذين يقْتَدى بآثارهم ويهتدى بانوارهم بل وَمن عباد الله الَّذين تستنزل الرَّحْمَة بذكرهم وترجى