للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. تهدم سد المأربين وَقد مضى ... زمَان وَهُوَ ينقاد حَيْثُ يُقَاد ...

وَإِلَى مأرب أَرْبَعَة فراسخ وَتسَمى الحضين وَمن هَذَا الْبَلَد نقلت الْجِنّ عرش بلقيس إِلَى أَرض فَارس فِي زمن سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام كَمَا قَالَ الله عز وَجل {أهكذا عرشك قَالَت كَأَنَّهُ هُوَ} فَلَمَّا اندق السد أَخذه فِي جملَة مَا أَخذ فَلَمَّا زَالَ شَرّ المَاء دارت الْخلق على موضِعين سليمين مِنْهُ سوران يُسمى أَحدهمَا درب الْأَعْلَى وَالثَّانِي درب الْأَسْفَل

ثمَّ قَالَ وَيُقَال إِن مَدِينَة مأرب بناها سبأ بن يشحب بن يعرب بن قحطان وَيُقَال عَابِر وَهُوَ هود عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَيُقَال إِنَّمَا سمي سد مأرب لِأَن قوم عَاد لما سلط الله عَلَيْهِم الرّيح الْعَقِيم وَكَانَ يقف على السد كل يَوْم كَذَا وَكَذَا من مجله ليردوا عَن أَصْحَابهم الْبلَاء وَكَانَت الرّيح تضرب بَعضهم على بعض كَمَا قَالَ عز وَجل {مَا تذر من شَيْء أَتَت عَلَيْهِ إِلَّا جعلته كالرميم} فبنوا السد ليرد عَنْهُم قُوَّة المَاء فَلَمَّا غَدَتْ تِلْكَ الْأمة اجْتمع السُّيُول فِيهِ وَكَثُرت الْمِيَاه فبقى جَريا للْمَاء فَبنِي عَلَيْهِ قرى وعمارات وزراعات إِلَى حُدُود الشَّام وَكَانَ يسقى مِنْهُ جَمِيع ذَلِك فَقتل ولد لحصيص بن فِي مأرب وَأمسى علمه فِي حَضرمَوْت مسيرَة ثَمَانِيَة أَيَّام لِأَن كل ناطور زرع كَانَ يخبر صَاحبه الْخَبَر حَتَّى اتَّصل بحضرموت يَعْنِي فِي مِقْدَار يَوْم فِي ذَلِك من عمَارَة الْبِلَاد وَكَثْرَة الْعباد انْتهى

قَالَ ابْن الوردي فِي الخريدة وَكَانَت أَرض مأرب من بِلَاد الْيمن مسيرَة سِتَّة أشهر مُتَّصِلَة العمائر والبساتين وَكَانُوا يقبسون النَّار بَعضهم من بعض وَإِذا أَرَادَت الْمَرْأَة الثِّمَار وضعت مكتلها على رَأسهَا وَخرجت تمشي بَين الْأَشْجَار وَهِي تغزل الصُّوف فَلَا ترجع إِلَّا والمكتل ملآن من الثِّمَار الَّتِي بخاطرها من غير أَن تمس شَيْئا بِيَدِهَا الْبَتَّةَ وَكَانَت أَرضهم خَالِيَة من الْهَوَام والحشرات وَغَيرهَا فَلَا تُوجد فِيهَا حَيَّة وَلَا عقرب وَلَا بعوض وَلَا ذُبَاب وَلَا قمل وَلَا براغيث وَإِذا دخل الْغَرِيب أَرضهم

<<  <   >  >>