للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَبَلغهُ مناه وأختص بِهِ عَمَّن عداهُ وخوله مزِيد النعم وشمله فِيهَا يلتمسه بنعم وَأَعْطَاهُ قِرَاءَة البُخَارِيّ بالقلعة وولاه تدريس أَمَاكِن مُتعَدِّدَة ومشيخة الصُّوفِيَّة فِي بَعْضهَا وخطابة بعض الْمدَارِس واقطاع ورتب لَهُ فِي كل يَوْم دِينَارا وحوالي وعدة وظائف كَانَت مَعَه وَمَعَ أَبِيه بِجَامِع طولون من رئاسة وَغَيرهَا بِحَيْثُ قيل ان المستقر فِي متحصله اليومي من جهاته شَيْء كثير سوى مَا يساق إِلَيْهِ من الْهَدَايَا والعطايا كاعطائه فِي جهاز ابْنة لَهُ فِيمَا قيل ألف دِينَار من السُّلْطَان وَمن الدوادار مثلهَا بل ازيد ونوه بِهِ فِي قَضَاء الْحَنَفِيَّة وَكَانَ شَأْنه أَعلَى من ذَلِك إِذْ كَانَ الْقُضَاة وَغَيرهم من الْأَعْيَان مِمَّن يتَرَدَّد لبابه ويتلذذ بخطابه بل مَال الْفُضَلَاء من الغرباء وَغَيرهم إِلَى الأستفادة مِنْهُ وَسَمَاع مباحثه والأنتفاع بتنويهه ومساعدته وبمساعدته اسْتَقر شَيْخه الحصني فِي مشيخة الشَّافِعِي وَلم يزل يزِيد اخْتِصَاصه بالسلطان بِحَيْثُ لم يخْتَلف عَنهُ فِي أَسْفَاره حَتَّى انه دخل مَعَه الشَّام وحلب وَبَيت الْمُقَدّس وَمَكَّة وَالْمَدينَة

قَالَ السخاوي أَنه تمنى بِحَضْرَتِهِ الْمَوْت فانزعج من ذَلِك وَقَالَ بل انا أتمناه لتقرأ عَليّ عِنْد قَبْرِي وتزورني وَنَحْو ذَلِك وَلذَا لم يجب سُؤَاله فِي مشيخه مدرسته المكنية قَالَ وَقد صنف وافتى وَحدث وروى ونظم ونثر ونقب وَتعقب وخطب وَوعظ وَقطع وَوصل وَقدم واخر

وَمن تصانيفه فِي الْفِقْه فَتَاوَى مبوبه فِي مجلدين وحاشية على توضيح ابْن هِشَام هَذَا كُله مَعَ الفصاحة والبلاغة وَحسن الْعبارَة الْمُقْتَضِيَة للانتظام والربط والانسجام والضبط وجودة الْخط ولطف الْعشْرَة والظرف والميل إِلَى النادرة واللطف ومزيد الذكاء والتفنن وَسُرْعَة البديهة الَّتِي يَتَّضِح بهَا التَّبْيِين وطراوة النغمة والأعتراف بِالنعْمَةِ والطبع الْمُسْتَقيم الَّذِي لَا يمِيل بِهِ غَالِبا لدني وَلَا لئيم وَلم يزل فِي ازدياد من الترقي حَتَّى بلغ مبلغا عَظِيما إِلَى أَن كَانَ فِي أَوَاخِر جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَثَمَانِينَ تنكد خاطر السُّلْطَان من جِهَته فَمَنعه من الْحُضُور فِي حَضرته فَتوجه للإقراء فِي بَيته لفنون الْعلم والفتيا إِلَى أَن كَانَ فِي مستهل ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَتِسْعين عَاد للْإِمَامَة على عَادَته ثمَّ أُعِيد لكل من قِرَاءَة الحَدِيث ومشيخة الأشرفية فِي السّنة الَّتِي تَلِيهَا

<<  <   >  >>