للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لما قبله وكالمحمُول على حُكمه وذلك أن الأصولَ ثلاثة: ثلاثي ورباعي خماسيِ فأكثرُها استعمالا وأَعْدَلُهَا تركيبا الثلاثي وذلك لأنه حرفٌ يُبْتدأ به وحَرْفٌ يُحْشَى به وحرف يُوقَف عليه وليس اعتدالُ الثلاثي لقلَّةِ حروفه فحسب.

ولو كان كذلك لكان الثنائي أكثرَ منه (اعتدالا) لأنه أقلُّ حروفا وليس (الأمر) كذلك.

ألا ترى أن ما جاء من ذوات الحرفين جزءٌ لا قَدْر له فيما جاء من ذوات الثلاثة وأقلُّ منه ما جاء على حرفٍ واحد فتمكُّن الثلاثي (إذن) إنما هو لقلَّة حروفه ولشيء آخر وهو حَجْز الحَشْو الذي هو عينُه بين فائه ولامه وذلك لتباينهما وتعادي حاليهما ألا ترى أن المُبْتدأ (به) لا يكون إلا متحرِّكاً وأن الموقوف عليه لا يكون إلا ساكنا فلما تنافرت حالاهما وسَّطوا العين حاجزا بينهما لئلَاّ يفجؤوا الحس بضدِّ ما كان آخذا فيه ومُنصبّاً إليه فقد وضح بذلك خفَّة الثلاثي.

وإذا كان كذلك فذوات الأربعة مستثقلةٌ غيرُ متمكنة تمكَّن الثلاثي لأنه إذا كان الثلاثي أخف وأمْكَنَ من الثنائي على قلَّة حروفه فلا محالة أنه أخفُّ وأمكن من الرباعي لكَثْرة حروفه ثم لا شك فيما بعد في ثِقَل الخماسي وقوة الكلْفة به فإذا كان كذلك ثقُل عليهم مع تناهيه وطوله أن يَسْتَعملوا في الأصل الواحد جميعَ ما تنقسم إليه به جهات تركيبه وذلك أن الثلاثي يتركب منه ستة أصول.

نحو جَعْلَ جَلْع علج ولجع ولعج عِجْل.

والرباعي يتركب منه أربعة وعشرون أصلا وذلك أنك تضرب الأربعة في التراكيب التي خرجت عن الثلاثي وهي ستة فيكون ذلك أربعة وعشرين تركيبا المستعملُ منها قليلٌ وهي: عَقْرب وبُرْقع وعَرْقَب وعَبْقَر ولو جاء منه غيرُ هذه الأحرف فعسى أن يكونَ ذلك والباقي مهملٌ كله وإذا كان الرباعي مع قُرْبه من الثلاثي إنما استُعْمل منه الأقل النَّزْر فما ظنك بالخماسي على طوله وتقاصر الفِعل الذي هو مِئَنّة من التصرف والثقل عنه فلذلك قلَّ الخماسي أصلا.

ثم لا تجد أصلا مما رُكِّب منه قد تُصُرّف فيه بتغيير نَظْمه ونَضَده كما تُصُرف في باب عَقْرب (بَعَبْقر وعرقب) وبُرْقع ألا ترى أنك لا تجد شيئا من نحو سَفَرْجل قالوا فيه: سَرَفجل ولا نحو ذلك مع أن تقليبه يبلغ مائة وعشرين أصلا.

ثم لم يُسْتعمل من ذلك إلا (سفرجل) وحده.

<<  <  ج: ص:  >  >>