للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مَعْصِيتك كما نَسْتَوْهبك غضَّ الأبصار عن عيوب إخواننا في طاعتك ونَسْترْزقك إلهاما لما في العَبَثِ من تضييع الأصول ولما في سرعان القَوْلِ من عِصْيان العقول ونجتدي فَضْلك أن تسلمنا وتسلم منا وتشغلنا بعبادتك وتشغلنا أهل الخَطَل عنا متوجهين بإخْلاص اليقين والصلاة على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين.

وقفتُ على ما كتبتَ به وذكرتَ أن بعض أهل الأدب كلفك المسألة عنه وأعلمتني توجه ظنك في إبانة مُشكله وإيضاح سُبُله وتأملتُه فوجدتُه شعرا لا أحب أن أقول في صناعته شيئا مشتملا على ألفاظٍ من حوشي اللغة لا يتشاغلُ بمثلها أهل التحصيل ولا يتوفر على طلبها إلا كل ذي تأمل عليلٍ لخروجها عما ينفعُ في الأديان ويعترض في تفسير القرآن ولمباينتها ما تجري به المذاكرة وتُسْتَخدم فيه المحاورة وزاد في عجبي منها صدورُها عن النطيحة وفيها من الأستاذ الفاضل أبي القاسم هبة الله بن عيسى أدام الله تأييده بحر الأدب الذي عَذُبت مواردُه وشِهاب العلم الذي التهبت مَطالِعُه وري العقول الظماءوطب الجهل المستفحل الداءوالباب الذي يفتح عن الدهر تجربة وعلماوالمرآة التي تتصفح بها أوجه الأنام إحاطة وفهما.

وبعد فهو الرجلُ الذي سلَّم له أهلُ بلده أنه شعلة الذكاءووارث محاسن الأدباءوملتقى شُذَّان العلوم وقاطعُ تجاذب الخصوم فإن كان الغرضُ - في هذه الأبيات الخِرابِ المقْفِرةِ من الصواب - طلبَ الفائدة فقد كان يجب أن يُناخَ عليه بمُثْقلها ويقصدَ إليه بمعضلها فعنده مفتاحُ كلِّ مسألة مُقْفَلة ومِصْباح كل داجية مُشكلة بل لستُ أشكُ أن هذا السائل لو جاوره صامتا عن استخباره وعكف على ذلك الجناب كاتما لِما في طيِّ مضماره لأَعْداه رِقّة نسيم أرَجه وهذَّب خواطره التقاطُ فرائد لَفظِه ولهَدَاه قُرْبه منه من ضَلالته ولشفاه دنوه منه من جهالته حتى يغنيَه الجوار عن الجور والاقتراب عن رجع الجواب وحتى يعودَ مُلْهَماً ينطق بالحكمة ولو لم يقصد إظهارها ويجيب عن المسائل ولو لم يعرف أصولها واستقرارَها.

هذا إن كان يريد الفائدة وإن كان قصدَ الامتحان للمسؤول وتعرض لهذا الموقف المدخول فذلك أعجبكيف لم يتأدَّب بآدابه الصالحة ويَعْشُ إلى هدايته الواضحة ويعلم أن هذا خُلُق أهْوَج ومَذْهبٌ أعْوَج وسجية لا تليقُ بأهل العلم ولا يؤثر مثلها عن ذوي النظر الصحيح والحزموكيف لم يعلم هذا القريض المتكلف بما أعطاه الله تعالى من سعادة مُكاثرته وساقَ إليه من بركة صحبتهإن

<<  <  ج: ص:  >  >>