للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

هذا القريض - كما قال المخزومي لعبد الملك بن مروان وقد لقيه في طريق الحج بعد ما أنكره وكرهه فقال: بئست التحيةُ من ابن العم على النَّأْي - وهذا لعمري بئست تحيةُ الغريب من القاطنين ولَؤُمَت هَديَّة الوافد من المقيمينوقد كان حق الغريب أن يكثَّر قليلُه ويسدَّد زَيْفه ويثبَّت زَلَله ويُعار من معالي الصفات ما يُؤْنِسُ غُرْبته ويصدق مخيلته ويعلم أن قد حلَّ على أشباه القعقاع بن شور الذين لا يَشْقَى بهم جَليس ولا يذُمّ دخلتهم أنيس ولا يزورهم نازح الدار إلا سَلا عن وَطنِه ولا يسكن إلى قربهم شاكٍ لنَبْوَة الحظِّ إلا صلح ما بينه وبين زَمَنِه إلى أن يبدوا عن تباينه ويجثوا عما وراء ظهره يأخذوا بعادة أهل الأثر ويحملوا نفوسهم معه على ما في الجواب من الغَرَر.

على أن هذا الطارئ عليهم رجلٌ كان أرَبه من العلم ما فيه حظُّ نَفْسِه وتهذيب خلائقه والاقتداءُ بهذه الآداب الزاكية على تقويم أوَده والاستعانة بقليل هذه الحكم المصلحة على إصلاح فكرهم خدوما بالعلم لا خادماومتبوعا بملح غرائب الآداب لا نابعاوعلى أنه لو كان قد احتبى للجدال وركب للنِّزال وتحدَّى بعلمه تحدِّيَ المعجز وتعرَّض لكافَّة العلماء تعرض الواثق المتحرز لما كان في غروب كلماته من حوشيِّ اللغة عن فهمه ما يدل على قصر باعه وقلة متاعه.

ويا عجبا للفراغكيف سوَّغ لهذا المغتر أن يجاريَ بحَلَق دِرعه تقسم أفكاريوكيف أنساه اجتماع شمله بعد دياريوكيف أذهله حضور أحبته عن مغيب أفلاذ كبديوكيف طرفت ناظره سكرة الحظِّ عن تضور ما يجن خلديوكيف لم يدرِ ما لي من ألْحاظٍ مقسمة وظنون مرجمة لم والتفات إلى ولدٍ ينتهب الشوق إليه تصبري وينبه الإشفاق عليه حذريوكيف لم يخطرْ بباله أني قريبُ عَهْدٍ بمحلٍ عز وثروة كانا أوحشاني من الأكفاءوخلطاني بين الأعداء والأصدقاء.

وقد تكلفت الإجابة عما تضمَّنَتْه الأبيات انقيادا لمُرادك ومُقْتَسراً رأَيي على إسعادك أجرُّ أقلامي جرا وهن ثواكل وأنبِّه قرائحي وهن في غمرات الهموم ذَواهل وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

قال هذا السائل: إن المسؤول دَرُوك لتلك الفَتْوى ومستحقٌّ بها الرتبة العليا.

فقال شيخ من شيوخنا - عزفته لنا الأيامُ عن كل فات فوفَّت وزادت وعوَّضَتْناه من كل مُخْتَرم فأحسنَت وأفادت وكان لحظَ الأبيات قبلي ولاءَم مشكله في التعجب منها مشكلي: أن (دَروكاً) هاهنا لا يجوزلأن فعولا لا يكون من أفعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>