وسأله ابن عباس مرة أخرى فقال: الذي يقول:
(ومَنْ يجعل المعروف من دون عِرْضِه ... يفره ومن لا يتق الشتم يشتم) // الطويل // وليس الذي يقول:
(ولستَ بِمُسْتبِقٍ أخا لا تلمه ... على شعث، أي الرجال المهذب) // الطويل // ولكن الضَّراعة أفسدته كما أفسدت جَرْولاً، والله لولا الجشع لكنت أشعر الماضين.
وأما الباقون فلا شك أني أشعرهم.
قال ابن عباس: كذلك أنت يا أبا مُلَيكة.
زعم ابن أبي الخطاب أن أبا عمرو يقول: أشعر الناس أربعة: امرؤ القيس، والنابغة، وطَرَفة، ومهلهل.
قال: وقال المفضل: سئل الفرزدق فقال: امرؤ القيس أشعر الناس وقال جرير: النابغة أشعر الناس، وقال الأخطل: الأعشى أشعر الناس.
وقال ابن أحمر: زهير أشعر الناس.
وقال ذو الرُّمة: لَبيد أشعر الناس.
وقال نَضْر بن شُمَيْل: طَرَفة أشعر الناس، وقال الكُمَيْت: عمرو بن كلثوم أشعر الناس، وهذا يدلك على اختلاف الأهواء وقلة الاتِّفَاق.
وكان ابن أبي إسحاق، وهو عالم ناقد، ومقدم مشهور، يقول: أشعر الجاهلية مُرَقِّش الأكبر، وأشعر الإسلاميين كُثَيِّر.
وهذا غُلوّ مُفْرِط، غير أنهم مُجْمِعون على أنه أَوَّلُ من أطال المدح.
وسأل عبدُ الملك بن مَروان الأخطلَ: مَنْ أشعر الناس فقال: العبد العَجْلاني، يعني ابن مُقْبل، قال: بم ذاك قال: وجدتُه في بَطْحَاء الشعر والشعراء على الجَرْفين، قال: أعرف له ذلك كرها.
وقيل لنُصَيْب مرة من: أشعر العرب فقال: أخو تميم يعني عَلْقَمة بن عَبَدة، وقيل: أَوْس بن حَجَر.
وليس لأحد من الشعراء بعد امرىء القيس ما لزهير والنابغة والأعشى في