النُّفُوس، والذي أتت به الرواية عن يونس بن حبيب الضبي النحوي أن علماء البَصْرَةِ كانوا يقدمون امرأ القيس، وأن أهل الكوفة كانوا يقدمون الأعشى، وأن أهل الحجاز والبادية كانوا يقدمون زهيرا والنابغة، وكان أهل العالية لا يعدلون بالنابغة أحدا كما أن أهل الحجاز لا يعدلون بزهير أحدا.
ثم قال محمد بن سلَاّم يرفعه عن عبد الله بن عباس أنه قال: قال لي عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنشِدْنِي لأشعر شعرائكم، قلت، ومَنْ هو يا أمير المؤمنين قال: زهير، قلت: وكان كذلك قال: كان لا يُعَاظِل بين الكلام ولا يتبع حُوشِيّة، ولا يمدح الرجل إلا بما فيه.
ثم قال ابن سلَاّم: قال أهل النظر: كان زهير أحصفَهم شعرا، وأبعدَهم من سُخْف، وأجمَعهم لكثير من المعاني في قليل من المنطق.
وأما النابغة فقال مَنْ يحتج له: كان أحسنَهم ديباجةَ شعر، وأكثَرهم رَوْنَقَ كلام وأجْزَلَهم بيتا كان شعرُه كلاما ليس فيه تكلف.
وزعم أصحاب الأعشى أنه أكثرهم عروضا، وأذهبهم في فنون الشعر، وأكثرهم طويلة جيدة مدحا وهجاء وفخرا وصفة.
وقال بعض مُتَقَدِّمي العلماء: الأعشى أشعر الأربعة، قيل له: فأين الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأَ القيس بيده لواءُ الشعر فقال: بهذا الخبر صحَّ للأعشى ما قلت، وذلك أنه ما من حامل لواء إلا على أمير، فامرؤ القيس حامل اللواء والأعشى الأمير.
وسئِل حسان بن ثابت رضي الله عنه مَنْ أشعر الناس فقال: أرَاحِلاً أم حيا قيل: بل حيا قال: أشعر الناس حيا هذيل.
قال محمد بن سلام الجمحي: وأشعر هُذَيْل أبو ذؤيب غير مُدافَع.
وحكى الجُمَحِيّ قال: أخبرني عمرو بن مُعاذ المعري قال: في التوراة مكتوب أبو ذؤيب مؤلف زورا، وكان اسم الشاعر بالسريانية (مؤلف زورا) ،