للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والأنشوطة هُوَ العقد إِذا مددته انحل من غير أَن تحله فَإِذا عمل العَبْد عملا كَانَ من النَّفس فِيهِ انقباض وكسل فَإِذا قارنها الْهوى والشهوة نشطت وانحلت فَأمر صَاحب هَذَا أَن يتفقد حَتَّى يكون نشاط نَفسه وانحلالها فِي هدى لَا فِي ضَلَالَة

قَالَ الله تَعَالَى {ويحذركم الله نَفسه} وَقَالَ {وَاعْلَمُوا أَن الله يعلم مَا فِي أَنفسكُم فَاحْذَرُوهُ} أَي أحذروا أَن لَا يتلظى عَلَيْكُم شُعَاع من نور العظمة فَتَصِير السَّمَوَات وَالْأَرْض جَمْرَة وَاحِدَة

فالنشاط يحْتَاج إِلَى الْهدى كَيْلا يفوتهُ الحذر مثل الصَّبِي إِذا رأى معلمه انقبض وتطأطأ فَإِذا افتقده انبسط وابتش وَكَانَ السّلف الصَّالح ينبسطون إِلَى أَهَالِيهمْ وَأَوْلَادهمْ وإخوانهم ويظهرون النشاط فِي الْأُمُور ويتفقدون من أنفسهم الْوُقُوف عِنْد الْحُدُود كي لَا يرتطموا فِي النَّهْي

وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ يُعجبنِي أَن يكون الرجل فِي أَهله كَالصَّبِيِّ فَإِذا بغى مِنْهُ وجد رجلا يَعْنِي إِذا طُولِبَ بِمَا لَا يجوز فِي الْحق وجد صلبا فِي دينه

قَوْله نهيا عَن شَهْوَة فَإِن النَّفس ذَات شهوات فَإِذا أطمعتها فِي وَاحِدَة طمعت فِي أُخْرَى ثمَّ لَا يزَال كَذَلِك حَتَّى تستمر فَتَشْرُد على صَاحبهَا شِرَاد الْبَعِير

وَرُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من السَّرف أَن تَأْكُل كل مَا شِئْت

مَعْنَاهُ أَن النَّفس إِذا اعتادت هَذَا من صَاحبهَا استمرت فَإِذا منعتها لم تقدر على ذَلِك

وَعَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّفس إِذا أطمعتها طمعت وَإِن آيستها أَيِست وَإِن فوضت إِلَيْهَا ضيعت

<<  <  ج: ص:  >  >>