بِتِلْكَ الزِّينَة من قلبه وَكَانَ قلبه محجوبا عَن الله وصدره مظلما بغيوم الْهوى ودخان الشَّهَوَات ورين الذُّنُوب لم يتَرَاءَى لعَيْنِي فُؤَاده فِي صَدره صنع الله تَعَالَى فِي تِلْكَ الزِّينَة وَلَا خلقه لَهَا وَلَا رَحمته فِيهَا وَلَا رأفته عَلَيْهِ فجَاء الْهوى بكبره وَالنَّفس بعلوها وتجبرها فَصَارَ الْفَرح للنَّفس وبالدنيا وبمراءات الأشكال ومباهاة الأضداد فَظهر الْفساد من الْجَوَارِح وَخرجت السَّيِّئَات من الْجَسَد كل سَيِّئَة من مَعْدِنهَا من قلَّة الرَّحْمَة وَقلة المبالاة وَترك النَّصِيحَة وَظَهَرت الفظاظة واليبوسة والغلظة وَالْقَسْوَة ورذائل الْأَخْلَاق حَتَّى صَارَت الْجَوَارِح إِلَى الْغِشّ وَالْمَكْر والمخادعات وَإِلَى أَفعَال الْجَسَد وَإِلَى سوء النيات والمقاصد وَخرج إِلَى الفرعنة والتجبر كل على قدره يتنعمون بنعم الله ويتلذذون بِتِلْكَ الزِّينَة وَتلك اللَّذَّات فَرحا وأشرا وبطرا فِي هَيْئَة أهل الْكفْر بِاللَّه والجحود لَهُ فقد تبين أَن أصل هَذَا الْأَمر كُله الْفَرح
فَمن قدر أَن يصرف هَذَا الْفَرح مِنْهُ إِلَى الله فِي كل عمل وَفِي كل أَمر من دنيا أَو آخِرَة بِنور قلبه وَإِلَّا فقد وَقع فِي الوبال فَإِن كَانَ فرحه فِي أَمر الدُّنْيَا أشر وبطر وَإِن كَانَ فِي أَمر الْآخِرَة أعجب وتكبر وَصَارَ مرائيا فَمن صرف ذَلِك إِلَى الله لم يَزْدَدْ لرَبه إِلَّا خشوعا وحبا فحمده وَدعَاهُ ذَلِك إِلَى شكره بِجَمِيعِ جوارحه وَذَلِكَ حفظ الْجَوَارِح السَّبع على أَمر الله وَإِقَامَة فَرَائض الله وَالْقِيَام بِحُقُوق الله وَمن لم يقدر على ذَلِك سباه فرحه فَصَارَ سبيا من سبي النَّفس
وَإِذا نَالَتْ النَّفس الْفَرح كَانَ بِمَنْزِلَة رجل متغلب وجد كنزا وأموالا جمة فاحتوى عَلَيْهَا وفرقها فِيمَن اجْتمع إِلَيْهِ من الغوغاء حَتَّى صَارُوا أعوانه وَأَتْبَاعه فَخرج بِتِلْكَ الْقُوَّة على أَمِير الْبَلَد وَعمد إِلَى الْأَمِير فسجنه فالأمير فِي الوثاق فِي السجْن والخارجي يرؤس أهل الْبَلَد فَإِن تَدَارُكه أَمِير الْمُؤمنِينَ بمدد وجيش وكنز فقد نَصره وَإِن تَركه مخذولا فقد ذهبت الامرة فَهَذَا شَأْن الْقلب مَعَ النَّفس وَقد حذر الله تَعَالَى عباده فِي