نَبيا فَلم يختره حَتَّى أَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرَائِيل صلوَات الله عَلَيْهِ وَقد صَار جِبْرَائِيل كَهَيئَةِ الحلس الْملقى مَيتا من الْفرق فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ أَن تواضع فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَبيا عبدا فَقيل لَهُ إِن لَك بِمَا تواضعت أَنَّك أول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض وَأول خطيب وَأول شَفِيع ولواء الْحَمد بِيَدِك ومفاتيح الْكَرم بِيَدِك وَتوقف جِبْرَائِيل فَلم يخْتَر لَهُ حَتَّى ينظر مَا يتجلى لَهُ من ربه من ملكه فَلَمَّا تجلى لَهُ مَا تجلى صَار كالميت من الْفرق فَذَاك ملك الْجلَال وَاسْتدلَّ بذلك جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي ذَلِك الْوَقْت أَنه اخْتَار لَهُ التَّوَاضُع فجَاء جِبْرَائِيل بِمَا جَاءَ وَأَشَارَ لَهُ بالتواضع وَلَو أَرَادَ أَن يخْتَار لَهُ أَن يكون نَبيا ملكا لَكَانَ عَسى أَن يتجلى لَهُ ملك الْجمال والبهجة فَكَانَ ينبسط جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام ويأنس بِمَا يتجلى لَهُ فيستدل بِهِ على مَا يخْتَار لَهُ ربه فَهَذَا شَأْن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام
وَإِذا كَانَ الْحِرْص فِي الدّين يضر فَكيف بِمن حرص على دنيا دنية يطْلب بهَا الْعُلُوّ على الْخلق فَمن فعل ذَلِك فِي دينه سمي جَاهِلا كَمَا قَالَ لَهُ {فَلَا تكونن من الْجَاهِلين} وَيكون قد عميت بصيرته قَالَ الله تَعَالَى {فَإِنَّهَا لَا تعمى الْأَبْصَار وَلَكِن تعمى الْقُلُوب الَّتِي فِي الصُّدُور} فَعميَ قلبه فِي ظلمات الْمعاصِي جمعا من غير حق ومنعا من حق وإنفاقا من غير حق
قَالَ الله تَعَالَى {إِن المبذرين كَانُوا إخْوَان الشَّيَاطِين}