إِنَّمَا حرص على جمعه لحبه إِيَّاه فأعماه وأصمه عَن أَمر الله فِيهِ وَعَن حُقُوقه فِيهِ وَعَن حُدُوده فِيهِ وألهاه تكاثره بِهِ عَن ذكر الْمَوْت حَتَّى زار الْمَقَابِر أَصمّ أعمى قد لحقته حُقُوق المَال كالزنابير تلسعه وكالعقارب تلدغه وكالحيات تنهشه قَالَ الله تَعَالَى وَلَا تحسبن الَّذين يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من فَضله هُوَ خيرا لَهُم بل هُوَ شَرّ لَهُم سيطوقون مَا بخلوا بِهِ يَوْم الْقِيَامَة
وَرُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الَّذِي جمع من غير حلّه وَمنع الْحُقُوق مِنْهُ تمثل لَهُ مَاله حَيَّة يطوق بهَا عُنُقه فتقض قضا بأسنانها شؤن رَأسه بِأَكْل دماغه ثمَّ يعود كَمَا كَانَ ثمَّ يفعل بِهِ مثل ذَلِك فَمَا زَالَ هَذَا حَاله فِي الْموقف حَتَّى يقْضِي الله بَين الْعباد ثمَّ مصيره إِلَى مَا شَاءَ الله من النَّار أَو غَيرهَا
فالحرص فِي الدّين يطمس الْعلم وَيكون صَاحبه جَاهِلا إِن خرج الْحِرْص من الوثاق فَإِذا كَانَ فِي وثاق انْتفع بِهِ صَاحبه لِأَن الله تَعَالَى وَضعه فِي الْآدَمِيّ ليَكُون عونا لَهُ وَقُوَّة على مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي الدّين وَالدُّنْيَا وَإِذا كَانَ الْحِرْص مفقودا أَدَّاهُ إِلَى الْعَجز والكسل فِي أَمر الله تَعَالَى وَفِي عبودته فالحرص على الدُّنْيَا إِذا كَانَ فِي وثاق يقفه على القناعة بِمَا قسم الله لَهُ من دُنْيَاهُ فَكلما أَتَاهُ شَيْء مِنْهَا من حلّه من غير طمع وَلَا إشراف نفس قبله من ربه وحمده عَلَيْهِ وقنع بِهِ والحرص فِي دينه إِذا كَانَ فِي وثاق يقفه على حُدُود مراقبة الْمَشِيئَة وتدبير الله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute