وفتنة قُلُوبهم بالأهل وَالْولد وحطام الدُّنْيَا فَذَاك نقص وعيب
وَلذَلِك قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشُّهَدَاء أُمَنَاء الله قتلوا أَو مَاتُوا على فرشهم
عَن رَاشد بن سعد رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْسَ كل قَتِيل شَهِيدا رب قَتِيل بَين الصفين الله أعلم بنيته
فَمَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ رَأس الشُّهَدَاء ثمَّ من بعده أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ كَذَلِك فَإِنَّهُم صَارُوا شُهَدَاء بِأَنَّهُم أُمَنَاء الله جعل الله أَرْوَاحهم وأجسادهم عَارِية فيقبضهم عِنْد نفاد آجالهم فَكَانُوا فِي أَيَّام الْحَيَاة يعدونها عَارِية وَكَانَت أَعينهم مَادَّة إِلَى الدعْوَة مَتى يدعونَ فيستجيبون بِلَا تلكؤ وَلَا تردد فَمن أحب الْعَيْش فِي الدُّنْيَا وَلم يكن لَهُ حب لِقَاء الله فحضره الْمَوْت تلكأ وَتردد فِي بذل الرّوح فَخرج من أَن يكون من أُمَنَاء الله تَعَالَى وَكَذَلِكَ وضع فِيمَا بَين الْعباد لَو أَن رجلا أعطي شَيْئا عَارِية أَو أودع وَدِيعَة ثمَّ استردها صَاحبهَا فَتَلَكَّأَ هَذَا فِي ردهَا على مَالِكهَا فقد خَان وضيع الْأَمَانَة فَإِنَّمَا يُؤْخَذ مِنْهُ بعد ذَلِك قهرا
فأمناء الله هم الَّذين أَرْوَاحهم عِنْدهم عَارِية بأمانة الله فهم يتمنون الْمَوْت حبا للقاء الله تَعَالَى فَإِذا جَاءَهُم الْمَوْت تجرعوا مرارته حبا للقائه وَلم يتلكأوا فِي رد العواري فَلذَلِك صَارُوا أُمَنَاء الله وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هم الشُّهَدَاء لأَنهم كَانُوا يَوْمئِذٍ شهدُوا ذَلِك الْعرض وَالْيَوْم حِين خرجت مِنْهُم الْأَرْوَاح صَارَت إِلَى الْمحل فَشَهِدُوا الْقرْبَة فهم شُهُود عِنْد الله فِي الْقرْبَة أَحيَاء