للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْآخر طمأنينة الإقبال وَهِي أَن يكون مُقبلا عَلَيْهِ بِجَمِيعِ قلبه فَلَا يلْتَفت إِلَى شَيْء من شهوات نَفسه وَلَا إِلَى أحوالها فَالَّذِي يسرق ويزني هُوَ فِي حَالَته تِلْكَ غير مطمئن إِلَى ربه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى طمأنينة الإقبال وَلَو كَانَ كَذَلِك لم يزن وَلم يسرق بل هُوَ مقبل على شهوات نَفسه وَهُوَ فِي طمأنينة التَّوْحِيد وَالْإِيمَان اسْم يلْزم العَبْد بِفِعْلِهِ وبدؤه من النُّور الَّذِي جعل الله فِي قلبه فأحياه بِهِ وَشرح صَدره ونطق بتوحيده لِسَانه وَمن لم يَجْعَل الله لَهُ نورا فَمَا لَهُ من نور

وكل شَيْء لَهُ مُبْتَدأ وَنِهَايَة فأوله لَازم ذَلِك الِاسْم لَهُ ومنتهاه هُوَ الْبَالِغ فَالَّذِي وحد ربه بِقَلْبِه وَلسَانه وَقبل الشَّرِيعَة هُوَ مُؤمن قد حرم مَاله وَدَمه وَعرضه ثمَّ هُوَ أَسِير نَفسه وَالْمُؤمن الْبَالِغ الَّذِي مَاتَت شَهْوَة نَفسه وَقطع قبله عَن كل شَيْء سواهُ وَهَذِه قُلُوب الْأَنْبِيَاء والأولياء عَلَيْهِم السَّلَام وَلِلْمُؤْمنِينَ بَين هذَيْن الحدين دَرَجَات كل يعْمل على دَرَجَته فكلهم عبيد قد أقرُّوا لَهُ بالعبودة الْكَامِلَة وَلَا يقر لَهُ بالعبودة الْكَامِلَة إِلَّا الْأَنْبِيَاء والأولياء وَذَلِكَ أَنهم تركُوا مشيئتهم فِي جَمِيع أُمُورهم لمشيئته وَهَكَذَا صفة العبيد رفض الْمَشِيئَة فِي جَمِيع الْأَشْيَاء وَترك الِاخْتِيَار للأحوال

وَلَا يقدر على هَذَا إِلَّا من نور الله الْإِيمَان فِي قلبه كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صفة حَارِثَة رَضِي الله عَنهُ حَيْثُ قَالَ لَهُ كَيفَ أَصبَحت قَالَ أَصبَحت مُؤمنا حَقًا قَالَ وَمَا حَقِيقَة إيمانك قَالَ كَأَنِّي أنظر إِلَى عرش رَبِّي بارزا وَإِلَى أهل الْجنَّة كَيفَ يتزاورون وَإِلَى أهل النَّار كَيفَ يتعاوون قَالَ عرفت فَالْزَمْ ثمَّ قَالَ من سره أَن ينظر إِلَى عبد نور الله الْإِيمَان فِي قلبه فَلْينْظر إِلَى هَذَا فَإِذا إمتلأ الصَّدْر وَالْقلب من

<<  <  ج: ص:  >  >>