النُّور كَانَ كَمَا وَصفه الله تَعَالَى {أَفَمَن شرح الله صَدره لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ على نور من ربه}
وَكَانَ الْمُؤمن عِنْدهم فِي زمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ بِهَذِهِ الصّفة
وَلذَلِك قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ وددت أَنِّي شَعْرَة فِي صدر مُؤمن لما عرفُوا غور هَذِه الْكَلِمَة وَأثْنى الله تَعَالَى على إِبْرَاهِيم خَلِيله عَلَيْهِ السَّلَام بَعْدَمَا شهد لَهُ بِالتَّسْلِيمِ حِين أَرَادَ ذبح ابْنه وَهُوَ الْإِسْلَام وَشهد لَهُ بِالْإِحْسَانِ فَأثْنى عَلَيْهِ فَقَالَ {إِنَّه من عبادنَا الْمُؤمنِينَ} وَقيل ان الله تَعَالَى إِذا أثنى على عبد فأبلغ فِي الثَّنَاء قَالَ {إِنَّه من عبادنَا الْمُؤمنِينَ}
وَالله تَعَالَى وصف الْمُؤمنِينَ فِي تَنْزِيله الْكَرِيم فَقَالَ {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين إِذا ذكر الله وجلت قُلُوبهم وَإِذا تليت عَلَيْهِم آيَاته زادتهم إِيمَانًا} إِلَى قَوْله {أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا}
فَمن هَهُنَا استجاز من قَالَ الْإِيمَان يزِيد وكما يزِيد فَإِنَّهُ ينقص سمي الزَّائِد من النُّور فِي صَدره إِيمَانًا وَمَا نقص فَمِنْهُ ينقص وَالْأَصْل الَّذِي مِنْهُ بَدَأَ التَّوْحِيد قَائِم فبأقل النُّور يصير موحدا فاطمأن بِهِ وَعَبده رَبًّا وَهُوَ إيمَانه حَتَّى إِذا نما النُّور وامتلأ الْقلب وأشرق الصَّدْر مِنْهُ اطْمَأَن الى جَمِيع مشيئآته وَأَحْكَامه وأموره كَمَا اطْمَأَن بِهِ وَمن قبل هَذَا لم يقدر أَن يطمئن إِلَى مشيئآته وَأَحْكَامه للشهوات المستولية على قلبه فَلَمَّا امْتَلَأَ الْقلب من نوره خشيَة ومهابة وَدخلت عَظمته فِي قلبه مَاتَت شهواته