قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله الْوَلَد فِي الحكم لِأَبِيهِ دون أمه لِأَن الْعِظَام والعصب وَالْعُرُوق من الْأَب وَاللَّحم وَالدَّم وَالشعر وَالْجَلد من الْأُم فَأصل الْجَسَد من الْأَب أَلا ترى أَن اللَّحْم وَالدَّم وَالْجَلد وَالشعر يذهب وَيَجِيء والجسد بَاقٍ وَالْعِظَام والعصب وَالْعُرُوق إِذا ذهب ذهب الْجَسَد وَلذَلِك نسب إِلَى أَبِيه والعصوبة لَهُ فِي الْمِيرَاث وَالْولَايَة وَسَائِر الْأَحْكَام
أما قَوْله كَمَا تناتج الابل هَل يحس من جَدْعَاء فَإِنَّهُ يَقُول ان الانعام إِذا تناتجت فمولودهن صَحِيح سوي فَعمد الْمُشْركُونَ فجدعوا آذانها
روى عَوْف بن مَالك الْجُشَمِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَصَعدَ فِي الْبَصَر وَصَوَّبَهُ وَقَالَ أرب إبل أَنْت ام رب غنم قلت من كل المَال قد آتَانِي الله تَعَالَى فَأكْثر وَأطيب قَالَ أفلست تنتجها وافية أعينها وآذانها قلت بلَى قَالَ فتجدع آذانها فَتَقول صرماء وتشق من هَذِه فَتَقول بحيرة فساعد الله أَشد من ساعدك وموساه أحد لَو شَاءَ الله أَن يَأْتِيك بهَا صرماء فعل
فَقَوْل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ قَالَ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ كَمَا تناتج الْإِبِل فَهَل تحس من جدعا أَي أَن الله تَعَالَى خلقه سويا وافرا وافيا فَأنْتم جدعتموه وَكَذَلِكَ خلق الله تَعَالَى هَذَا الْمَوْلُود على الْفطْرَة الَّتِي فطرهم حَيْثُ استخرجهم من صلب آدم عَلَيْهِ السَّلَام معترفين لَهُ بالربوبية وَأَنْتُم هودتموه ونصرتموه وَمِنْه قَول الله تَعَالَى {صبغة الله وَمن أحسن من الله صبغة}