كَانَت الْيَهُود إِذا ولد لَهُم ولد صبغته وَكَانَت النَّصَارَى إِذا ولد لَهُم مَوْلُود صبغته فِي مَاء لَهُم يَقُولُونَ تطهر بذلك فَقَالَ الله تَعَالَى {صبغة الله} أَي فطْرَة الله الَّتِي فطرهم عَلَيْهَا أحسن من صبغتهم
عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل مَوْلُود يُولد من ولد كَافِر أَو مُسلم فَإِنَّمَا يولدون على الاسلام كلهم وَلَكِن الشَّيَاطِين أَتَتْهُم فَاجْتَالَتْهُمْ عَن دينهم فهودتهم ونصرتهم ومجستهم وأمرتهم أَن يشركوا بِاللَّه مَا لم ينزل بِهِ سُلْطَانا وَقَالَ الله تَعَالَى وَقَوله الْحق خلقت عبَادي حنفَاء وأمرتهم أَن لَا يشركوا بِي شَيْئا
عَن عِيَاض بن حمَار رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ فِي خطبَته ان الله تَعَالَى أَمرنِي أَن أعلمكُم وَقَالَ تَعَالَى خلقت عبَادي حنفَاء فأتتهم الشَّيَاطِين فَاجْتَالَتْهُمْ عَن دينهم وأمرتهم أَن يشركوا بِي وَحرمت عَلَيْهِم مَا أحللت عَلَيْهِم
قَالَ أَبُو عبد الله فَهَذَا بعد الْإِدْرَاك حِين عقلوا أَمر الدُّنْيَا وتأكدت حجَّة الله عَلَيْهِم وعملت أهواؤهم فِيهِ لِأَن الشَّيَاطِين وجدت قلوبا خَالِيَة وَالنَّفس وَالروح يعقلان أَمر الدُّنْيَا والمضار وَالْمَنَافِع والآيات ظَاهِرَة من خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار وَهَذِه حجج الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على عبيده فَذَهَبت بأهوائهم يَمِينا وَشمَالًا وَأما الْمُؤْمِنُونَ فهم أهل منَّة الله تَعَالَى من الله عَلَيْهِم فَجعل لَهُم نورا فأحياهم فَقَالَ أَو من كَانَ مَيتا فأحييناه وَجَعَلنَا لَهُ نورا يمشي بِهِ فِي النَّاس