وَأَيْضًا قصَّة أُخْرَى فِي شَأْن أبي جندل بن سُهَيْل بن عَمْرو وَكَانَ مُسلما فِي أَيدي الْمُشْركين مُقَيّدا بِمَكَّة فَلَمَّا جَاءَ سُهَيْل بن عَمْرو أَبوهُ يُرَاجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصُّلْح وَهُوَ بعض رُؤَسَائِهِمْ أبرم الصُّلْح وَكتب الْكتاب فجَاء ابْنه أَبُو جندل يرسف فِي قيوده قد انفلت من محبسه فَقَالَ يَا مُحَمَّد يَا رَسُول الله إِنِّي مُسلم فِي أَيدي الْمُشْركين واستغاث برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبالمسلمين فَقَامَ إِلَيْهِ أَبوهُ فَضرب وَجهه ورده وَقَالَ يَا مُحَمَّد لقد لجت الْقَضِيَّة فِيمَا بَيْننَا فَتَركه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَده حَتَّى رده فكاد الْمُسلمُونَ أَن يفتتنوا فِي ذَلِك الْأَمر وَأَخذهم الغيظ الشَّديد وَلم يقدروا على شَيْء من الصُّلْح وَكَانَ وَقع الصُّلْح بَينهم على أَن من صَار من الْمُشْركين إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُسلما أَن يرد عَلَيْهِم وَمن صَار من الْمُسلمين إِلَيْهِم مُرْتَدا لم يطْلب فأجابهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى ذَلِك فَتحَرك أَصْحَابه فِي ذَلِك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جَاءَنَا مُسلما فرددناه عَلَيْهِم فَإِن الله عز وَجل جَاعل لَهُ فرجا ومخرجا وَمن صَار إِلَيْهِم مُرْتَدا فالى النَّار فَمَا نصْنَع بِمن ارْتَدَّ عَن دين الله
فَأنْظر إِلَى حسن ظَنّه حَيْثُ قَالَ فَإِن الله جَاعل لَهُ فرجا ومخرجا فَكيف لَا يحسن ظَنّه وَقد أوحى إِلَيْهِ عز وَجل وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب
فالوحي قد نجع فِيهِ وانكشف الغطاء عَن قلبه حَتَّى عاين حسن تَدْبِير الله وصنائع ربه وعرفه بالمجد وَالْكَرم فَذهب سُهَيْل بن عَمْرو بِابْنِهِ إِلَى