فَقيل لي أقرهم فانك أسلمت وَأَسْلمُوا وَهَاجَرت وَهَاجرُوا وجاهدت وَجَاهدُوا فَلم أر لي فضلا عَلَيْكُم إِلَّا بِالنُّبُوَّةِ
فبالنبوة أدْرك رُؤْيَة مَا وصف فأدنيت الْجنَّة مِنْهُ ليعرف حَاله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه بِهَذِهِ الْمنزلَة لَيْسَ بَينه وَبَينهَا إِلَّا قبض الرّوح وَلِهَذَا لما مد يَده ليتناولها أوحى إِلَيْهَا أَن تأخري فَإِنَّهُ فِي بَقِيَّة من أَجله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الدُّنْيَا وَلَا ينَال أحد الْجنَّة إِلَّا بعد مُفَارقَة الرّوح ثمَّ أرى النَّار بَينه وَبَين الْقَوْم رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ يعرفهُ أَنَّك قد جزت النَّار بقلبك بِمَا أَعْطَيْت من النُّبُوَّة وفرغت من أَمر الصِّرَاط وَمن خَلفك من الْأمة لم يجوزوا بعد بقلوبهم فَهُوَ بَاقٍ عَلَيْهِم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا رَوَاهُ أنس رَضِي الله عَنهُ إِذا ضرب الصِّرَاط على النَّار قيل قرب أمتك فَإِذا دَنَوْت مِنْهَا قَالَ لي جبرئيل يَا مُحَمَّد خُذ بحجزتي فآخذ بحجزة جبرئيل فيضعني من وَرَاء النَّار وَيُقَال للْأمة جوزوا فيجوزون بأبدانهم فَمنهمْ فِي السرعة فِي مثل اللحظة والبرقة وَمِنْهُم فِي مثل الرّيح وَمِنْهُم فِي مثل أجاويد الْخَيل وَمِنْهُم ركضا وَمِنْهُم سعيا وَمِنْهُم مشيا وَمِنْهُم زحفا
فالنبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِفضل النُّبُوَّة جَازَ النَّار بِقَلْبِه أَيَّام الْحَيَاة فَلَمَّا وصل إِلَيْهَا أُجِيز من غير تكلّف وَلَا مُبَاشرَة وَأهل الْيَقِين لَهُم حَظّ من النُّبُوَّة
قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الاقتصاد وَالْهَدْي الصَّالح والسمت الْحسن جُزْء من أَرْبَعَة وَعشْرين جُزْءا من النُّبُوَّة