للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَفِي بُلُوغ الْعُمر أَرْبَعِينَ سنة استكمال الشَّبَاب واستجماع الْقُوَّة وَهُوَ عمر تَامّ وَلَا يزَال بعده فِي نُقْصَان وإدبار فَإِذا عَاشَ فِي الْإِسْلَام عمرا تَاما وَجب لَهُ من الْحُرْمَة مَا يدْفع عَنهُ الْآفَات الثَّلَاث الَّتِي لَا تقبل الدَّوَاء مِنْهُ من الدَّاء العضال وَوُجُود الْعَدو إِلَيْهِ سَبِيلا فِي أَخذ قلبه فَإِذا بلغ خمسين سنة وَهُوَ نصف الْمِائَة الَّتِي هِيَ أرذل الْعُمر الَّذِي يرفع عَنهُ الْحساب فَهُوَ على النّصْف من ذَلِك فَخفف عَنهُ حسابه ولين وحوسب حسابا يَسِيرا وخفة الْحساب فِي الدُّنْيَا أَن لَا يؤاخذه فِيهَا وَلَا ينْزع مِنْهُ الْبركَة وَلَا يحرمه ألطافه وَلَا يقصيه وَلَا يَخْذُلهُ وَمن قبل الْخمسين لم يسْتَوْجب هَذِه الْحُرْمَة فَإِذا بلغ سِتِّينَ سنة وَهُوَ عمر التَّذَكُّر والتوقف قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نُودي أَبنَاء السِّتين {أولم نُعَمِّركُمْ مَا يتَذَكَّر فِيهِ من تذكر}

فَإِذا عمر سِتِّينَ سنة فقد جَاءَ أَوَان التَّذَكُّر لِأَن الْأَرْبَعين مُنْتَهى استتمام الْقُوَّة فَإِذا جَاوز إِلَى سِتِّينَ فقد أَتَى عَلَيْهِ عشرُون سنة فِي النُّقْصَان وَهُوَ نصف الْأَرْبَعين الَّذِي هُوَ مُنْتَهى الْقُوَّة فقد افْتقدَ من نَفسه نصف الْقُوَّة فَلذَلِك صَار حجَّة عَلَيْهِ فَأوجب لَهُ حُرْمَة بِأَن رزقه الْإِنَابَة إِلَيْهِ فِيمَا يحب وَهُوَ التَّذَكُّر فَإِنَّهُ إِذا تذكر رزقه الْإِنَابَة إِلَيْهِ فِي الطَّاعَات وَلم يَخْذُلهُ حَتَّى يصير عمره وبالا وَحجَّة عَلَيْهِ فيعير بِهِ كَمَا يعير أهل النَّار قَالَ الله تَعَالَى أولم نُعَمِّركُمْ مَا يتَذَكَّر فِيهِ من تذكر وَجَاءَكُم النذير فَذُوقُوا فَمَا للظالمين من نصير

وَإِذا بلغ سبعين سنة فقد عمر حقبا من الدَّهْر وَهُوَ سَبْعُونَ سنة وَهُوَ غَايَة وَقد يَنْتَهِي إِلَيْهِ فِي الطول وَهُوَ مُنْتَهى أَعمار هَذِه الْأمة

<<  <  ج: ص:  >  >>