روى أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا بلغ الرجل من أمتِي ثَمَانِينَ سنة حرم الله جلده على النَّار وَإِذا بلغ تسعين سنة فقد أفند وفقد عقله وَكَانَ الْعقل حجَّة الله عَلَيْهِ فغفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه بِقطع هَذَا الْعُمر مُسلما وَمَا تَأَخّر بفقد عقله لِأَنَّهُ فِي أول مَا اجتباه ألْقى فِي قلبه نور الْمعرفَة فسبى قلبه عَلَيْهِ فَمَا زَالَ يستغله فيغل غَلَّته وَيُؤَدِّي خراجه حَتَّى إِذا شاخ وَكبر وَعجز عَن الْعلَّة وَذَهَبت الْقُوَّة وفقد الْعقل رفع عَنهُ الضريبة وَالْخَرَاج وتبعة الذَّنب فِيمَا بَقِي وَسمي أَسِير الله فِي الأَرْض لِأَنَّهُ فِي ربقة الايمان كأسير فِي وثاق لَا يقدر براحا قد عجز عَن أَعمال الْبر وَهُوَ فِي ربقة الاسلام فَإِذا بلغ مائَة سنة فقد رد إِلَى أرذل الْعُمر فَصَارَ كَالصَّبِيِّ فَبلغ من حرمته أَن يجْرِي لَهُ حَسَنَاته وَلم يكْتب عَلَيْهِ سيئاته لِأَنَّهُ قد بلي فَوجدَ صَادِقا فِي التَّوْحِيد لم يتَرَدَّد فِيهِ ودام عَلَيْهِ ناشئا فتيا وشابا طريا وكهلا سويا وبجالا بهيا وشيخا رَضِيا فَلَمَّا صَار إِلَى أرذل عمره عَاد إِلَى أَحْكَامه طفْلا وصبيا فَأجرى لَهُ مَا كَانَ يعْمل من الْحَسَنَات فِي سالف أَيَّامه وَرفع عَنهُ سيىء مَا يَجِيء مِنْهُ
قَالَ الله تَعَالَى {لقد خلقنَا الْإِنْسَان فِي أحسن تَقْوِيم ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} ثمَّ اسْتثْنى فَقَالَ إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فَلهم أجر غير ممنون أَي غير مَقْطُوع
وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير ممنون مَا يكْتب لَهُم صَاحب الْيَمين فَإِن عمل خيرا كتب صَاحب الْيَمين وَإِن ضعف عَن ذَلِك كتب لَهُ صَاحب الْيَمين وَأمْسك صَاحب الشمَال فَلم يكْتب سَيِّئَة