فِيمَا صرفت إِلَيْهَا من الرزق سخرت لأكلها حلوا كَانَ أَو مرا وَقد نجد الدَّوَابّ فِي مرعاهن يتقين كثيرا من الكلاء ونبات الأَرْض فَلَا يقربن وَذَوَات الأجنحة يتقين كثيرا من الثِّمَار فَلَا يقربنه وسخرت النحلة لأكل كل الثمرات حلوها ومرها ومحبوبها ومكروهها واتخذت النَّحْل بُيُوتًا بِمَا أُوحِي إِلَيْهَا لتَكون أوعية لما يَجْعَل الله تَعَالَى فِي مأكولها من الشِّفَاء للآدميين وَلَوْلَا تِلْكَ الْبيُوت لَكَانَ الَّذِي يخرج مِنْهَا يذهب فَسَادًا فَهَذِهِ الْبيُوت وَإِن كَانَت مساكنها فَهِيَ للعسل ولأمر الله تَعَالَى وَسَائِر الْهَوَام وَالدَّوَاب والطيور تتَّخذ المأوى والأوكار لقرارها ثمَّ أمرهَا الله تَعَالَى أَن تَأْكُل من كل الثمرات فَإِن لكل ثَمَرَة نفعا فَإِذا أكلت من الْكل فقد جمعت النَّفْع كُله فِي أكلهَا وَإِذا تركت شهوتها اسْتَوَى عِنْدهَا مَحْبُوب الثِّمَار ومكروهها لما ذلت لأمر الله تَعَالَى وَصَارَ هَذَا الْأكل لله تَعَالَى لَا لنَفسهَا إِذْ لَو آثرت المحبوب على الْمَكْرُوه لَكَانَ أكلهَا لنَفسهَا فَلَمَّا ذللت لَهُ عز وَجل فِي أكل الثمرات فِيمَا وافقته وَفِيمَا لم توافقه صَار ذَلِك شِفَاء بِمَنْزِلَة الْأَدْوِيَة يخلط من كل نوع فَإِذا ذلت النَّفس ذهبت الْكَرَاهَة وانتظمت الطَّاعَة فِي أكلهَا لله تَعَالَى لَا لنَفسهَا وَحسب شهوتها ونهمتها صَار مَا فِي جوفها من الْمَأْكُول حلوا وَصَارَ شِفَاء لأسقام الْآدَمِيّين أَلا ترى أَن الْبَقَرَة صَار لَبنهَا شِفَاء ولحمها دَاء لِأَنَّهَا تَأْكُل من كل الشّجر
قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْكُم بألبان الْبَقر فَإِنَّهَا ترم أَي تآكل من كل الشّجر
وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَبنهَا دَوَاء وسمنها شِفَاء ولحمها دَاء
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute