إِنَّمَا صَار لَبنهَا دَوَاء لِأَنَّهَا تَأْكُل من كل شجر وَصَارَ لَحمهَا دَاء لِأَنَّهَا تَأْكُل بالنهمة لِأَنَّهَا جعمة وَلِهَذَا ترعى من كل الشّجر حلوه ومره لجعامتها لِأَنَّهَا ذللت لله تَعَالَى بِأَمْر رَبهَا كالنحل فَإِنَّهَا لم يلق إِلَيْهَا مَا ألقِي إِلَى النَّحْل إلهاما من الله تَعَالَى وَلِهَذَا ترعى من الْمَزَابِل وترتع من القاذورات لجعامتها فَصَارَت لَحمهَا دَاء وَاللَّبن الَّذِي حدث عَن أخلاط الشّجر دَوَاء للنهمة عَلَيْهَا صَارَت لحمانها منزوعة الْبركَة وكل شَيْء لَا يُبَارك فِيهِ فَهُوَ دَاء فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَأَما النحلة ذلت بالهام الله تَعَالَى وأكلت من الحلو والمر لله تَعَالَى فَصَارَ مَا فِي جوفها شِفَاء وَلِهَذَا نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قتل النحلة لِأَن فِي خلقهَا جوهرا يتَقَدَّم الْجَوَاهِر وَقد شرحناه فِيمَا قبله وَثَمَرَة هَذِه الْآيَة لمن صفا فكره فِيهَا أَن الله يعلمك أَن النحلة الَّتِي سخرتها لَك ذلت لي فَاسْتَوَى عِنْدهَا فِي الْمطعم محبوبها ومكروهها وَتركت نهمتها وشهوتها فَجعلت مَا فِي بَطنهَا حلوها ومرها حلوا كُله وَجَعَلته شِفَاء من الأسقام فَكيف بالآدمي المسخر لَهُ إِذا ذلت نَفسه لي فَتركت نهمتها وشهوتها رياضة لَهَا حَتَّى إستوي عِنْدهَا الْمَكْرُوه والمحبوب من أحوالها وَيصير ذَلِك الْمَكْرُوه كُله عِنْده حلوا محبوبا يكون كَلَامه شِفَاء للمذنبين وأفعاله شِفَاء للناظرين إِلَيْهِ من الْمعاصِي ورؤيته حَيَاة قُلُوبهم
وَأما تَمْثِيل فعل بِلَال رَضِي الله عَنهُ بالنحلة أَنه إِذا قَرَأَ قصد آيَات الرَّحْمَة وصفات الْجنَّة فيتلوها نظاما وَإِنَّمَا يقْصد من الْقُرْآن مَا طيب نَفسه فَأمره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقْرَأ السُّورَة على نَحْوهَا كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute