للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَنْ يُسَلط عَلَيْهِ الْعَدو حَتَّى يُبطلهُ وَالله عز وَجل أكْرم من أَن يرتجع فِي منته ويسلط عَلَيْهِ الْعَدو أَلا ترى إِلَى قَوْله لِلْعَدو {إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان وَكفى بِرَبِّك وَكيلا} أَي مَانِعا شَيْطَانه من أَن يدْخل عَلَيْهِ فِي قلبه فَيفْسد توحيده لِأَن التَّوْحِيد هُوَ الْإِيمَان وَذَلِكَ نور الله تَعَالَى فِي قلبه قَالَ تَعَالَى {حبب إِلَيْكُم الْإِيمَان وزينه فِي قُلُوبكُمْ}

وَالْقلب هُوَ الْبضْعَة الْبَاطِنَة والبضعة الظَّاهِرَة يُقَال لَهَا فؤاد وفيهَا العينان والأذنان وَالْقلب يقلبه الله تَعَالَى وَلم يكله إِلَى أحد وَلم يطلع عَلَيْهَا أحدا من خلقه وَإِنَّمَا سُلْطَان الشَّيْطَان فِي الصَّدْر لِأَنَّهُ بَيت الْقلب وَالنَّفس مَعْدن الشَّهَوَات قَالَ تَعَالَى {يوسوس فِي صُدُور النَّاس}

فالشيطان يزين وَيُشِير ويمني وَيحدث فِي صُدُور النَّاس الشَّهْوَة الَّتِي فِي النَّفس حَتَّى يضله ويفتنه وَلَيْسَ يجد الْمُؤمن فِي نَفسه شَهْوَة الْكفْر لِأَن الله تَعَالَى نَزعهَا بإيصال الْإِيمَان إِلَى حَبَّة قلبه ثمَّ بَقِي شَهْوَة الْأَشْيَاء فِي قلبه ثمَّ حرم وَأحل ليبلغه بالمجاهدة فِي هَذِه الشَّهَوَات فاذن الْمُؤمن قد حلاه الله تَعَالَى بِالْإِيمَان وطهره وطيبه وزين قلبه وَلَيْسَ للكفر شَهْوَة فِي النَّفس حَتَّى يدْخل الشَّيْطَان فِيهِ بظلمته فيزين لَهُ الشّرك حَتَّى يفْسد توحيده وَلَا لَهُ إِلَيْهِ سَبِيل فَإِذا وسوس فِي صَدره أنكر الْقلب بِمَا فِيهِ من النُّور وإنكاره مَحْض الْإِيمَان لِأَنَّهُ اهتاج فَاسْتَنَارَ وَصَارَ كجمرة قد علاها الرماد لخمودها فَلَا تكَاد تضيء مِمَّا علاها فوصلت إِلَيْهِ نفحة فطار عَنْهَا رمادها فتوقدت وتلظت واستضاء الْبَيْت بتوقده فازدادت تِلْكَ الْجَمْرَة فَصَارَت مَحْضَة لما طَار عَنْهَا الرماد

<<  <  ج: ص:  >  >>