فَكَذَلِك الْقلب فِيهِ الْإِيمَان وَقد سقم وعلاه رماد حريق الشَّهَوَات فَإِذا جَاءَهُ الوسواس بكيده وَحَدِيثه يُرِيد بِهِ نقض توحيده كَانَ ذَلِك كمن ينْفخ فِي تِلْكَ الْجَمْرَة لتتقد ويطير عَنهُ الْغُبَار وَتلك النفخة هِيَ أَمر من الله تَعَالَى خَفِي يلطف لَهُ من لطفه ليفي لَهُ بِمَا توكل لَهُ من قَوْله {وَكفى بِرَبِّك وَكيلا}
فَلَمَّا صَار إيمَانه ذَا غُبَار رَحمَه ولطف لَهُ من حَيْثُ خَفِي على الْعباد بالعصمة فَمنع كَيده من أَن يفْسد عَلَيْهِ توحيده واهتاج الْإِيمَان مُنْكرا لما جَاءَ بِهِ ونافرا عَنهُ فطار عَنهُ رماد الشَّهَوَات ودخانه واستوقدت جَمْرَة الْإِيمَان فَأَضَاءَتْ الصَّدْر فَلذَلِك صَار مَحْض الْإِيمَان لِأَنَّهُ فِي ذَلِك بِلَا رماد وَلَا دُخان
وَلِهَذَا قَالَ ثَابت رَضِي الله عَنهُ اللَّهُمَّ زِدْنَا مِنْهُ سَأَلَ الزِّيَادَة من لطف الله تَعَالَى لعَبْدِهِ
وَقَالَ عبد الله رَضِي الله عَنهُ حَيْثُ سُئِلَ عَن الوسوسة فَقَالَ ذَاك برازخ الْإِيمَان والبرزخ الحاجز بَين الشَّيْئَيْنِ
وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام (مثل الْمُؤمن مثل الْفرس فِي آخيته يحول ويجول ثمَّ يرجع إِلَى آخيته)
فيحق على الْمُؤمن أَن يقل عبؤه بوسوسته فأخسأ مَا يكون إِذا استحقر لَهُ وَلم يعبأ بِهِ فَمن اعتراه ضعف فِي قلبه حَتَّى يخَاف على نَفسه فَذَاك لضيق صَدره وَقلة انشراحه وظلمة الشَّهَوَات والذنُوب فَإِن وسوس إِلَيْهِ فِي التَّشْبِيه فالرد عَلَيْهِ أَن يَقُول فِي نَفسه كل مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute