فِي سَائِر الْجَسَد من الظفر إِلَى شعر الرَّأْس نفخ فِيهِ الرّوح من طرف إبهامه فِي الْمُبْتَدَأ ثمَّ يخرج مِنْهُ عِنْد الْقَبْض من طرف لِسَانه لِأَن الله تَعَالَى رفع دَرَجَة اللِّسَان على سَائِر الْجَوَارِح بِالتَّوْحِيدِ وَبِه يظْهر مَا فِي الْقلب
قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا من شَيْء أحب إِلَى الله من بضعَة لحم وَذَلِكَ لِسَان الْمُؤمن وَمَا من شَيْء أبْغض إِلَى الله من بضعَة لحم وَذَلِكَ لِسَان الْكَافِر)
فَجعل سَبِيل الرّوح عِنْد خُرُوجه من طرف لِسَانه ليَكُون آخر الْجَوَارِح موتا وَتَكون حَرَكَة لِسَانه عِنْد خُرُوج الرّوح مِنْهُ بِالتَّوْحِيدِ والحياة مَعَ الرّوح وَالْعقل والمعرفة فالروح نور وَالْعقل نور والمعرفة نور وَلكُل نور بصر فَبَصر الْعقل مُتَّصِل ببصر الرّوح ولطافة الرّوح فَمَا رق مِنْهَا وَصفا فَهُوَ فِي الْعين وَإِذا أبْصر النَّاظر إِلَى حدقة رأى الرقة واللطافة فِي الحدقة فِي ذَلِك السوَاد فَتلك لطافة الرّوح كَالْمَاءِ وبصر الرّوح فِي تِلْكَ الإنسانة فِي الحدقة فَذَلِك النُّور الْمشرق فِيهِ هُوَ بصر الرّوح والضوء من خَارج وَإِدْرَاك الألوان من بَين هَذَا النُّور الَّذِي فِي الإنسانة وَبَين الضَّوْء الَّذِي هُوَ خَارج وَحَتَّى لَا يَجْتَمِعَانِ لَا يدْرك النَّاظر بِعَيْنِه الألوان فَهَذَا لعامة الْآدَمِيّين