للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذِه الصّفة ثمَّ كل شَجَرَة لَهَا ورق لَا يشبه الْأُخْرَى فللمؤمن الْمُنِيب فِي هَذَا الْبَصَر بهجة

فَأَما المكب على نَفسه فِي خلو من لطائف الله تَعَالَى فِيهِ الَّتِي هِيَ عِنْد الْعَارِف أحلى من القطايف وبره وتدبيره وَرَحمته وَإِنَّمَا بِهِ شغل نَفسه مَاذَا ينَال مِنْهَا من عَاجل النَّفْع أكلا وتمتعا واعتقادا لما فضل مِنْهُ حرصا على الدُّنْيَا وجمعا لَهَا قد اتَّخذهُ عدَّة لنوائبه دون الله تَعَالَى وَاعْتمد عَلَيْهِ فاستولت بهجة النَّفس عَلَيْهِم لينالوا بهَا عزا ويتمتعوا لهوا وسهوا فوقعوا فِي الخسران وحرموا رُؤْيَة الْبَهْجَة وَصَارَ عَاقِبَة أَمرهم إِلَى الكفران قَالَ الله تَعَالَى {لَا تلهكم أَمْوَالكُم وَلَا أَوْلَادكُم عَن ذكر الله وَمن يفعل ذَلِك فَأُولَئِك هم الخاسرون}

فَسَأَلَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يمتعه ببصره الَّذِي ينَال بِهِ هَذِه الْأَشْيَاء حَتَّى يتوسم بِهِ آيَات الله وَينظر بِهِ إِلَى سمات الْقُدْرَة وَيكون مِمَّن يعبد الله بِكُل نظرة فَإِنَّمَا أعطي الْعباد ليعبدوا الله تَعَالَى بهَا لَا ليتمتعوا بهَا تمتّع الْكفَّار قَالَ تَعَالَى {وَالَّذين كفرُوا يتمتعون ويأكلون كَمَا تَأْكُل الْأَنْعَام وَالنَّار مثوى لَهُم}

فالمؤمن يتزود فِي جَمِيع نظره وسعيه وَعَمله ينظر بِعَين الْعبْرَة والفكرة فِي أَمر الله تَعَالَى ويتقرب إِلَى الله تَعَالَى بِهِ ويتزود لآخرته وَالْكَافِر يتمتع وَإِذا نظر الْمُؤمن بِعَين الْغَفْلَة والشهوة كَانَ تمتعا فالمتنبه كلما نظر إِلَى شَيْء ازْدَادَ علما وَكَانَ بَصَره رَأس مَاله والمزيد من الْعلم ربحه وَلِهَذَا جَاءَت بِهِ الْأَخْبَار أَن النّظر إِلَى الْبَحْر عبَادَة وَإِلَى الْعَالم عبَادَة وَإِلَى وَجه الْأَبَوَيْنِ عبَادَة لِأَنَّهُ عبد الله بِتِلْكَ النظرة

<<  <  ج: ص:  >  >>