للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِيمَان طمأنينة لَا ريب فِيهِ وَجَاهدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبِيل الله بأَدَاء الْفَرَائِض وَاجْتنَاب الْمَحَارِم إِلَّا أَن الرَّغْبَة فيهم بَاقِيَة وَمن كَانَت الرَّغْبَة فيهم بَاقِيَة فالخيانة فيهم كائنة فَإِن الله تَعَالَى أعْطى الْخلق الْأَرْوَاح بِمَا فِيهَا من الْحَيَاة عَارِية وَأَعْطَاهُمْ الدُّنْيَا عَارِية ووضعها ممرا للعباد ومتزودا فَمن اشْتغل قلبه بالتمتع صيره كالمستقر وَإِنَّمَا جعلهَا للزوال والانتقال عَنْهَا فَمن تشبث بِالْحَيَاةِ وَلَا يُرِيد مفارقتها وفر من الْمَوْت فقد خَان لِأَن الْعَارِية إِذا امْتنع صَاحبهَا من الْخُرُوج مِنْهَا إِلَى مَالِكهَا قهر وسلب وَسمي بامتناعه خائنا فَكَذَا الدُّنْيَا وضعت ممرا ومتزودا فَمن صيرها مُسْتَقرًّا سلب يَوْم الْخُرُوج مِنْهَا وَهُوَ خائن وَهُوَ مَعَ هَذِه الْخِيَانَة يقوم بأَدَاء الْفَرَائِض بِلَا توفير وباجتناب الْمَحَارِم بِلَا تقوى وصيانة إِنَّمَا التَّقْوَى إِذا خرجت شَهْوَة تِلْكَ الْأَشْيَاء من قلبه وَإِنَّمَا اجْتنب من خوف الْعقَاب غَدا من غير أَن يلْتَفت إِلَى صِيَانة الْمعرفَة الَّتِي فِي قُلُوبهم فَإِن قَالَ لَهُ علام الغيوب غَدا إِن معرفتي كَانَت خلعتي على قَلْبك فاجتنب محارمي شَفَقَة على جِلْدك ولحمك وَلم تلْتَفت إِلَى خلعتي فتخاف عَلَيْهَا الدنس وَالْغُبَار وَقد عظم عنْدك شَأْن جسدك وَجل قدره فباليت بِهِ واجتنبت الْمَحَارِم توقيا عَلَيْهِ لَا على خلعتي الَّتِي بهَا طَابَ جسدك فَمَاذَا يَقُول هَذَا العَبْد فَهَذَا من دناءة الْمنزلَة

الْمنزلَة الثَّانِيَة من الْإِيمَان صنف زَالَت عَنْهُم رغبتهم فاشتاقوا إِلَى دَار الله فاطمأنت نُفُوسهم وَطَابَتْ أروحهم فَأَمنَهُمْ الْخلق على أَمْوَالهم وأنفسهم وَلم يأمنوا على أديانهم فَلَا تقبل الْقُلُوب مِنْهُم مواعظهم وإشارتهم إِلَى الله وَإِنَّمَا أَمنهم النَّاس للأمانة الَّتِي فِي جَوف إِيمَانهم وَلِأَن أَرْوَاح يَتَعَارَفُونَ بِمَا تضمنه من روح الْإِيمَان فَإِذا عاينوا الْحق فِي فعل عَامل بِهِ إستنارت لَهُ قُلُوبهم وَعرفُوا أَنه الْحق فأمنت قُلُوب الْخلق واطمأنت نُفُوسهم إِلَى مَا عِنْدهم قد أمنُوا على النُّفُوس وَالْأَمْوَال وَلم يأمنوا مِنْهُ على الدّين

<<  <  ج: ص:  >  >>