وَرُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ فِي حَدِيث الرُّؤْيَا وَرَأَيْت رجلا من أمتِي بَينه وَبَين الله حجاب فَجَاءَهُ حسن خلقه فَأدْخلهُ على الله تَعَالَى
فَهَذَا يُحَقّق مَا قُلْنَا بدءا إِن حسن الْخلق يُؤَدِّيه إِلَى الله انْقِطَاعًا عَن النَّفس وفتنتها وَحسن الْخلق على ثَلَاث منَازِل أول منزلَة مِنْهَا أَن يحسن خلقه مَعَ أمره وَنَهْيه وَيَأْمُر يأتمر وَيَنْتَهِي عَن مناهيه فَإِذا أحكم هَذَا تخطى إِلَى الْمنزلَة الثَّانِيَة وَهُوَ أَن يحسن خلقه مَعَ جَمِيع خلقه على سَبِيل المساعدة والمقاربة والمساهلة واللين والرفق والمواتاة والمواراة ومعاشرة الْجَمِيل فَإِذا حكم هَذَا تخطى إِلَى الْمنزلَة الثَّالِثَة وَهُوَ أَن يحسن خلقه مَعَ تَدْبِير الله تَعَالَى فِي كل أُمُوره فَلَا يُرِيد إِلَّا مَا يُرِيد الله وَلَا يَشَاء إِلَّا مَا يَشَاء الله
فعينه مَادَّة إِلَى مَا يبرز لَهُ سَاعَة فساعة من حجاب الملكوت من تِلْكَ الغيوب من تَدْبيره فيتلقاه مهتشا رَاضِيا وَقد ائْتمن الله على نَفسه وَأَحْوَالهَا فَهَذَا رجل قد اسْتكْمل حسن الْخلق واستراح قلبه واطمأنت نَفسه واستقامت جوارحه وَألقى إِلَى الله بيدَيْهِ سلما وَوَجَدته كَافِيا كَرِيمًا حسنا مولى وناصرا فَنعم الْمولى وَنعم النصير