يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مختفيا فِي الْحيرَة فِي منزل شَارِع فِي الصَّحرَاء فَبَيْنَمَا أَنا ذَات يَوْم على ظهر بَيْتِي إِذْ نظرت إِلَى أَعْلَام سود خرجت من الْكُوفَة يردن الْحيرَة فَوَقع فِي قلبِي أَنَّهَا تريدني فَخرجت من الدَّار متنكرا حَتَّى دخلت الْكُوفَة وَلَا أعرف بهَا أحدا أختفي عِنْده فَدخلت مرتادا فَإِذا أَنا بِبَاب كَبِير ورحبة وَاسِعَة فَدخلت الرحبة فَجَلَست فِيهَا فَإِذا أَنا بِرَجُل وسيم حسن الْهَيْئَة على فرس فَدخل الرحبة وَمَعَهُ جمَاعَة من أَصْحَابه وَأَتْبَاعه فَقَالَ لي من أَنْت وَمَا حَاجَتك فَقلت رجل خَائِف على دَمه مستجير بمنزلك قَالَ فَأَدْخلنِي منزله ثمَّ صيرني فِي حجرَة تلِي حرمه فَمَكثت عِنْده حولا فِي كل مَا أُرِيد وَأحب من مطعم ومشرب وملبس لَا يسألني شَيْئا من حَالي ويركب كل يَوْم وَلَيْلَة فَقلت لَهُ يَوْمًا أَرَاك تدمن الرّكُوب فَفِيمَ ذَلِك فَقَالَ إِن إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان قتل أبي صبرا وَقد بَلغنِي أَنه مختف فَأَنا أطلبه لأدرك ثَأْرِي فَكثر تعجبي إِذْ ساقني الْقدر إِلَى الاختفاء فِي منزل من يطْلب دمي فَكرِهت الْحَيَاة فَسَأَلت الرجل عَن اسْمه وَاسم أَبِيه فَأَخْبرنِي بهما فَعلمت أَنِّي قتلت أَبَاهُ فَقلت يَا هَذَا قد وَجب حَقك عَليّ وَمن حَقك أَن أقرب عَلَيْك الخطوة وَقَالَ مَا ذَلِك قلت أَنا إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان قَاتل أَبِيك فَخذ بثأرك فَقَالَ لَعَلَّك رجل مضاه الاختفاء فَأحب الْمَوْت قلت بل الْحق مَا قلت لَك أَنا قتلت أَبَاك فِي يَوْم كَذَا بِسَبَب كَذَا فَلَمَّا عرف أَنِّي صَادِق إلابد وَجهه واحمرت عَيناهُ وأطرق مَلِيًّا ثمَّ قَالَ أما أَنْت فستلقى أبي فَيَأْخُذ بِحقِّهِ مِنْك وَأما أَنا فَغير مخفر ذِمَّتِي فَاخْرُج عني فلست آمن نَفسِي عَلَيْك وَأَعْطَانِي ألف دِينَار فَلم أقبلها وَخرجت من عِنْده فَهُوَ أكْرم رجل رَأَيْت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute