الْقِتَال لاستنقاذ الأسرى من يَد الْعَدو مَعَ مَا فِيهِ من تلف النَّفس فَكَانَ بذل المَال فِي فدائهم أوجب وَقد قَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ على النَّاس أَن يفدوا الْأُسَارَى بِجَمِيعِ أَمْوَالهم
قلت قيد ذَلِك ابْن عَرَفَة بِمَا إِذا لم يخْش اسْتِيلَاء الْعَدو بذلك وَقرر فِي مَوضِع آخر وجوب استنقاذهم بِالْقِتَالِ وَالْفِدَاء قَائِلا بعد ذَلِك فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون على مَا حل بالخلق فِي تَركهم إخْوَانهمْ فِي أسر الْعَدو وبأيديهم خَزَائِن الْأَمْوَال وأصول الْأَحْوَال وَالْقُدْرَة وَالْعدَد وَالْقُوَّة وَالْجَلد
حكايتان فِي ذَلِك فِي مثل الْعَمَل بمضمنها فَلْيَتَنَافَس الْمُتَنَافسُونَ
الْحِكَايَة الأولى
رُوِيَ أَن عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ كتب إِلَى الأسرى بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ أما بعد فَإِنَّكُم تَعدونَ أَنفسكُم الْأُسَارَى ومعاذ الله بل أَنْتُم الحبساء فِي سَبِيل الله اعلموا أَنِّي لست أقسم بَين رعيتي إِلَّا خصصت أهلكم بِأَكْثَرَ من ذَلِك وأطيبه وَإِنِّي قد بعثت إِلَيْكُم فلَان بن فلَان بِخَمْسَة دَنَانِير وَلَوْلَا أَنِّي خشيت أَن يحبسها عَنْكُم طاغية الرّوم لزدتكم وَقد بعثت إِلَيْكُم فلَان بن فلَان يفادي صغيركم وكبيركم وذكركم وأنثاكم وحركم ومملوككم بِمَا يسْأَل مِنْهُ فأبشروا ثمَّ أَبْشِرُوا وَالسَّلَام
الْحِكَايَة الثَّانِيَة ذكر أَن الْمَنْصُور بن أبي عَامر فصل فِي بعض غَزَوَاته فِي مَكَان ضيق بَين جبلين لَا يجوزه إِلَّا فَارس بعد فَارس وَاجْتمعت الرّوم فِي أُمَم لَا تحصى ومسكوا لَهُ مَوضِع الْخُرُوج فَلَمَّا علم بذلك أَمر بِرَفْع الأخبية وان تبنى الدّور واختط لنَفسِهِ قصرا وَأمر سَائِر خواصه بذلك