وَكتب إِلَى نوابه إِنِّي لما رَأَيْت هَذِه الْبِلَاد استقصرت رَأْي من سلف من الْمُلُوك وَالْخُلَفَاء كَيفَ تركوها لعظم أمرهَا وجلالة قدرهَا وَقد استخرت الله تَعَالَى فِي الْإِقَامَة بهَا وان أَتَّخِذ مَدِينَة وأسكن بهَا وَأمر بإرسال البنائين الفعلة فَلَمَّا تحققت الرّوم بذلك سَأَلُوهُ فِي الصُّلْح فَأبى فألحوا عَلَيْهِ فَأبى فَقَالَ لَا أفعل إِلَّا أَن تعطوني ابْنة ملككم فَقَالُوا هَذَا عَار مَا سمع بِمثلِهِ
فَاجْتمعُوا فِي عدد عَظِيم وَكَانَ هُوَ فِي عشْرين ألف فَارس فَلَمَّا الْتَقَوْا انْكَسَرَ الْمُسلمُونَ وَثَبت هُوَ وَولده وكاتبه وَنَفر يسير وَأمر أَن يضْرب خباؤه على نشز من أَرض فتراجع غليه الْمُسلمُونَ وقاتلوهم وَكَانَت الدائرة على الْكفَّار وَالْعَاقبَة للْمُسلمين فَقتل وَأسر فَسَأَلُوهُ فِي الصَّالح فَأبى إِلَّا أَن يعطوه ابْنة ملكهم وأموالا اقترحها فَأَعْطوهُ ذَلِك مَعَ تحف كَثِيرَة
وَكَانَت الْبِنْت فِي نِهَايَة الْجمال فَلَمَّا شيعها أَشْرَاف قَومهَا سألوها أَن تحسن الوساطة لقومها عِنْده فَقَالَت أَن الجاه لَا يطْلب بأفخاذ النِّسَاء إِنَّمَا يطْلب برماح الرِّجَال
وَلما وصل الْمَنْصُور إِلَى مَدِينَة قرطبة تَلَقَّتْهُ امْرَأَة فَقَالَت لَهُ أَنْت وَالنَّاس تفرحون وَأَنا باكية حزينة قَالَ لَهُم قَالَت وَلَدي أَسِير فِي بلد من بِلَاد الرّوم فسير العساكر لوقته رَاجِعَة إِلَى الْبِلَاد حَتَّى أحضروا وَلَدهَا قَالَ صَاحب مشارع الأشواق فرحم الله تِلْكَ الْأُمَم الخالية
بركَة وختام بِذكر رِسَالَة عمر رَضِي الله عَنهُ إِلَى سعد بن أبي وَقاص وَمن مَعَه من الأجناد رَضِي الله عَنْهُم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute