صَاحبه وَهِي خلق غَرِيبَة يحْتَاج مباشرها إِلَى مداراتها ومعاملتها بِمَا يجب لَهَا فَرُبمَا جهلها مِنْهُم بعض مباشرتهم فَوَقع فِيمَا لَا يرضيهم فسخطوه واسلموه إِلَى هوان الانتقام مِنْهُ فَانْفَرد بِمَعْرِِفَة هَذِه الاداب مَعَ الْخَواص من أَوْلِيَائِهِمْ وحجبوهم لمراعاتهم حِجَابا اخر اخص من الأول الْوَاقِع فِي أول الدولة على مَا تقدم كَمَا فِي ايام مُعَاوِيَة وَعبد الْملك من خلفاء بني امية وَهَذَا الثَّانِي يَقع عِنْد نِهَايَة عز الدولة وَكَمَال خلق الْملك كَمَا عِنْد مَجِيء دولة بني الْعَبَّاس فَدَعَا ذَلِك اليه وَصَارَ اسْم الْحَاجِب اخص بِهِ وَاتخذ بِبَاب الْخُلَفَاء داران أَحدهمَا للخاصة والاخرى للعامة على مَا هُوَ مسطور فِي أخبارهم
الْحجاب الثَّالِث عِنْد مَحل دولة الحجز على السُّلْطَان وَذَلِكَ لَان مُؤَمل إلاستبداد بِهِ أول مَا يبْدَأ بِهِ وان حجب عَنهُ بطانة ابيه وخواص أوليائه موهما لَهُ أَن فِي مباشرتهم اياه خرق حجاب الهيبة وَفَسَاد قانون الادب ليقطع بذلك عَنهُ لِقَاء غَيره ويعوده مُلَابسَة اخلاقه إِلَى أَن يستحكم الِاسْتِيلَاء عَلَيْهِ
تَعْرِيف قَالَ ابْن خلدون وَهَذَا الْحجاب لَا يَقع فِي الْغَالِب إِلَّا اخر الدولة دَلِيلا على هرمها ونفاذ قوتها
قَالَ وَهُوَ مِمَّا يخشاه أهل الدول على أنفسهم لَان القائمين بالدولة يحاولون ذَلِك عِنْد هرمها وَذَهَاب الاستبداد من اعقاب مُلُوكهَا