للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفِتَن لاختلال الدول وَوُقُوع الوباء وَسَببه فِي الْغَالِب فَسَاد الْهَوَاء بِكَثْرَة الْعمرَان لِكَثْرَة مَا يخالطه من العفن والرطوبات الْفَاسِدَة وَإِذا فسد الْهَوَاء وَهُوَ غذَاء الرّوح الحيواني وملابسه دَائِما فيسري الْفساد إِلَى مزاجه فان قوي وَقع الْمَرَض فِي الرئة وَهَذِه هِيَ الطواعين والاكثر العفن بِهِ وتضاعف الحميات الْمهْلكَة وَكَثْرَة الْعمرَان هِيَ سَبَب التعفن والرطوبة الْفَاسِدَة

رِعَايَة حِكْمَة قَالَ وَلِهَذَا تبين فِي الْحِكْمَة أَن تخَلّل الْخَلَاء والفقر بَين الْعمرَان ضَرُورِيّ ليَكُون تموج الْهَوَاء يذهب بِمَا يحصل فِي الْهَوَاء من الْفساد والعفن بمخالطة الْحَيَوَانَات وَيَأْتِي بالهواء الصَّحِيح وَلِهَذَا يكون الموتان فِي المدن الموفورة الْعمرَان اكثر من غَيرهَا بِكَثِير كمصر فِي الْمشرق وفاس بالمغرب وَالله يقدر مَا يَشَاء

قلت مَا ذَكرْنَاهُ من أَن فَسَاد الْهَوَاء غَالِبا سَبَب الوباء هُوَ قَول الاطباء

وَنقل الشَّيْخ شهَاب الدّين بن حجر ابطال الشَّيْخ شمس الدّين بن قيم الجوزية لَهُ من وُجُوه سنة قَالَ اثر تقريرها عَنهُ وَلذَلِك اعيا الاطباء دواؤهم حَتَّى يسلم حذاقهم انه لَا دَوَاء لَهُ وَلَا دَافع لَهُ إِلَّا الَّذِي خلقه وَقدره

قَالَ ابْن حجر واما كَون بعض الأوجاع فِي الطَّاعُون قد يكون من غَلَبَة بعض الطبائع فَلَا يُنَافِي كَونه من طعن الْجِنّ لاحْتِمَال أَن حُصُول ذَلِك التَّغْيِير عِنْد وجود الطعنة فينزع بدن المطعون فيفور بِهِ الدَّم وَتحصل لَهُ الْكَيْفِيَّة الرَّديئَة الَّتِي يشخصها الاطباء بِحَسب مَا اقتضيه قواعدهم وَلَا يُنَافِي ذَلِك اصب سَببه الأول وَالله اعْلَم

قلت مَا أَشَارَ إِلَيْهِ من طعن الْجِنّ هُوَ مَا صرحت بِهِ الْأَحَادِيث انه من وخز الْجِنّ وللكلام فِي ذَلِك مَحل آخر

الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة أَن الدول اعمار طبيعية كَمَا للأشخاص

<<  <  ج: ص:  >  >>