ما حكم الجمع والقصر في حالة المسافر إذا وصل إلى المدينة؟
الجواب
أما إذا وصل المسافر إلى بلده فإنه ينتهي القصر والجمع؛ لأن القصر والجمع مربوطٌ بسبب وهو السفر، فإذا وصل إلى بلده انقطع السفر، ولهذا لو أنه دخل عليهم وقت الظهر وهو في البر لم يصل البلد، ثم وصل البلد كم يصلي؟ أربعاً، وهل يجمع الظهر مع العصر في هذا المثال؟ لا.
لأنه انتهى السفر، ولو دخل عليه وقت الظهر وهو في بلده، ثم سافر قبل أن يصلي، أي: أذن الظهر وهو في بلده، ثم خرج قبل أن يصلي وصلى الظهر في البر في سفره كم يصلي؟ خرج بعد دخول الوقت، أي: دخل الوقت وهو مقيمٌ في بلده، ثم سافر وصلى في البر بعد أن خرج من البلد، كم يصلي؟ يصلي ركعتين، لقول الله تبارك وتعالى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ}[النساء:١٠١] وهذا ضرب في الأرض، وصلى وهو ضاربٌ في الأرض فيصلي ركعتين، والعكس كما قلت لكم في المثال الأول: لو أدركته الصلاة وهو في البر ثم وصل إلى بلده فإنه يصلي أربعاً، يعني: انتهى الضرب في الأرض.
ولكن إذا كان الإنسان في بلد غير بلده فإنه يجيب المؤذن ويصلي مع المسلمين، ويصلي أربعاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(إنما جعل الإمام ليؤتم به) ، ولقوله:(ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) ، ولقول ابن عباس رضي الله عنهما حينما سئل:[ما بال الرجل يصلي ركعتين ومع الإمام يصلي أربعاً؟ فقال: تلك هي السنة] وهذه المسألة تشتبه على بعض الناس تقول له: صل فقد أذن، قال: أنا مسافر، كأنه يقول: المسافر ليس عليه جماعة، وهذا فهم غلط، المسافر عليه صلاة جماعة، ولعلكم تذكرون أن الله تعالى قال في القرآن في حال الخوف:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ}[النساء:١٠٢] فأمر بصلاة الجماعة في حال الخوف، ومعلوم أن الخوف الذي كان فيه الرسول كان في أسفاره، ففي حال الأمن من باب أولى، فنقول للمسافر: هل سمعت النداء؟ إذا قال: نعم، نقول له: أجب.
كما أن المسافر أيضاً إذا نزل في بلد وحان وقت صلاة الجمعة وهو في نفس البلد وقال: أنا مسافر لا أذهب للجمعة، ماذا نقول له؟ نقول: ألست مؤمناً؟ فيقول: بلى، نقول: اسمع إلى قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}[الجمعة:٩] .
أما إذا كان الإنسان في السفر فهذا لا جمعة عليه ولا تصح عنه الجمعة أيضاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقيم الجمعة في أسفاره، وقد قال:(صلوا كما رأيتموني أصلي) ، وقال:(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) .
وإذا أم المسافر أناساً مقيمين فماذا يصنع؟ الجواب: نقول: يصلي ركعتين، ويعلمهم بأنه مسافر فإذا سلم أتموا.