للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيان حقيقة موت النبي صلى الله عليه وسلم]

السؤال

يحتج بعض من يطلب الشفاعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ميت بقولهم: إن الأنبياء أحياء في قبورهم، وأن موسى قد رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن موته صلى الله عليه وسلم ليس كموت جميع الناس، كيف الرد عليه؟

الجواب

الرد عليهم سهل، الرد عليهم: بأن النبي صلى الله عليه وسلم ميت بلا شك، لقول الله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر:٣٠] ، ولقوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران:١٤٤] ، وبأن الصحابة أجمعوا على أنه ميت، وغسلوه وكفنوه ودفنوه، وهل يمكن أن يجمع الصحابة على دفن نبيهم وهو حي؟!! سبحان الله! هذا لا يمكن، ولا المجانين يفعلون هذا، إذاً: هو ميت بلا شك.

ولكن هناك حياة أخرى؛ حياة برزخية تثبت للشهداء، والأنبياء من باب أولى، قال الله تبارك وتعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران:١٦٩] حياة عند الله عز وجل ليست حياة الدنيا: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ.

} [آل عمران:١٧٠] إلى آخر الآية.

فهذه حياة برزخية علمها عند الله لا ندري كيفيتها، ولهذا لا يحتاج فيها الميت إلى هواء، ولا إلى ماء، ولا إلى طعام، ولا غير ذلك، فهذا هو الجواب على هؤلاء الذين يقولون: إن الرسول صلى الله عليه وسلم حيٌ في قبره، نحن نقول: نعم هو حي، لكن ليس كحياة الدنيا التي يمكن الإنسان فيها أن يعمل، وأن يطيع وأن يركع ويسجد إلى آخره.

أما رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لموسى فهي أيضاً من الرؤيا التي لا نعلم كيفيتها، رآه يصلي في قبره لكن لا ندري كيفية ذلك، ونحن الآن نشاهد في رؤيا المنام بعض الأموات وهم يتطوعون لله عز وجل، ربما تشاهد أباك أو أخاك أو أحداً من أقاربك في المنام يصلي وهو ميت، فهذه المسائل أمور غيبية لا يحكم لها بحكم الأحياء.

ومن المعلوم أنه ثبت في حديث المعراج: أن الأنبياء جمعوا للرسول عليه الصلاة والسلام وصلى بهم إماماً، فهل نقول: إنهم في تلك الحال كحالهم في الدنيا قبل أن يموتوا؟ لا.

هذه أمور غيبية ليس لنا أن نقول أو نعتقد إلا ما جاء به الشرع فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>