للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (علم القرآن)]

قال تعالى: {عَلَّمَ الْقُرْآنَ} [الرحمن:٢] انظر! بدأ بالعلم قبل ذكر الخلق؛ لأن الإنسان بلا علم ليس إنساناً: {عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْأِنْسَانَ} [الرحمن:٢-٣] فبدأ بالعلم ولم يذكر إلا تعليم القرآن؛ لأن تعليم القرآن أفضل من أي تعليم كان، جميع العلوم بالنسبة لعلم القرآن ليست بشيء، كعلم العجائز بالنسبة لعلم العلماء بل أعظم، فالقرآن هو كل شيء، إذا وفق الله العبد لتعلمه نال السعادة في الدنيا والآخرة إذا عمل به، {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [البقرة:١٢١] فما هو القرآن؟ القرآن: هو الذي نزل على محمدٍ صلى الله عليه وسلم، كما قال الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء:١٩٢-١٩٥] أي: بلغة عربية بينة واضحة فصيحة.

أول القرآن يبتدئ بالفاتحة وينتهي بسورة الناس، هذا هو القرآن الذي نزل على محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والذي قال الله عنه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:٩] ولهذا لا زيادة فيه ولا نقص، هذا القرآن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم تلقاه الأصاغر عن الأكابر وسيبقى بإذن الله على هذا إلى أن يأذن الله بخراب العالم، فإذا أذن الله بخراب العالم فإنه ينزع من المصاحف وينزع من الصدور، إذا أعرض الناس عنه إعراضاً كلياً حينئذٍ ليس من الحكمة أن يبقى بين قومٍ لا يقدرونه قدره فينزع.

إذاً: نقول: القرآن هو أشرف علمٍ يتعلمه الإنسان، ولهذا لم نذكر سواه لأنه أشرف العلوم، وفي اللقاء الماضي حثثتكم حثاً حثيثاً على تعلم القرآن حفظاً وتلاوة ومعنىً وعملاً، وذكرت لكم أن هذا هو عمل الصحابة، كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>