للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وجوب الغسل لصلاة الجمعة]

ومن خصائص هذه الصلاة: أنه يجب الغسل لها كما يغتسل الإنسان للجنابة، يجب أن يغتسل لها كما يغتسل للجنابة وجوباً، في الشتاء وفي الصيف، الدليل: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (غسل الجمعة واجبٌ على كل محتلم) (واجب) من القائل: واجب؟ الرسول عليه الصلاة والسلام وهو أعلم الخلق بشرع الله، ولا يمكن أن يطلق على شيءٍ مستحبٍ أنه واجب، لو كان كذلك لكان الأمر خطيراً فهو أعلم الخلق بشريعة الله، وهو أفصح الخلق بما ينطق به، وهو أنصح الخلق للخلق، نعم والله! أنصح الخلق للخلق، وهو أصدق الخلق خبراً، نعم.

هو يقول: (غسل الجمعة واجب) بعد أن قدمت لك هذه المقدمات احكم أنت، غسل الجمعة واجب، ثم قرن الوجوب بما يقتضي التكليف وهو قوله: (على كل محتلم) لأن المحتلم هو الذي تجب عليه الواجبات، والمحتلم معناه: ليس الذي احتلم بالفعل، المحتلم بالفعل يجب عليه الغسل من الجنابة ولو في الإثنين والثلاثاء والأربعاء، لكن غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم.

أظن أننا لو قرأنا هذه العبارة في مصنفٍ من مصنفات الفقه لم يبق عندنا شكٌ بأن المؤلف يرى الوجوب، فكيف والناطق به محمد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.

ثم إن في الغسل فائدة للبدن تنشيطاً وتنظيفاً، ويدل للوجوب ما جرى بين عمر وعثمان رضي الله عنهما: كان عمر يخطب الناس فدخل عثمان في أثناء الخطبة فكأن عمر لامه على تأخره، قال: والله يا أمير المؤمنين! ما زدت على أن سمعت الأذان فتوضأت ثم أتيت -مشغول- قال له عمر أمام الناس وهو يخطب: والوضوء أيضاً -يعني: تقتصر على الوضوء أيضاً وتأتي متأخراً- وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل) فكلمه بنوعٍ من التوبيخ، واستدل على ذلك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل) .

<<  <  ج: ص:  >  >>