للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم صبغ الشعر للمرأة]

السؤال

ما هي صبغة الشعر الجائزة للمرأة؟ وما حكم قص الشعر أسفل من شحمة الأذن؟

الجواب

الأصباغ مما خلق الله لنا في الأرض.

وما خلقه الله في الأرض فهو حلال، كل ما في الأرض حلالٌ لنا؛ لأن الله امتن علينا بذلك: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً} [البقرة:٢٩] إن كان حيواناً فهو حلال، إلا ما قام الدليل على تحريمه، ولهذا لو وجدت طيراً فصدته فقال لك زميلك: هذا حرام لا تأكله، وقلت أنت: هذا حلال سآكله، من المطالب بالدليل؟ الذي حلل أو الذي حرم؟ الذي حرم، فالأصل الحل.

والأصباغ مما خلق الله لنا في الأرض فالأصل فيها الحِل، لكن يمنع من صبغٍ يحاد به الصابغ سنة الله عز وجل، وذلك صبغ الشيب بالسواد فإن هذا حرام، لا يجوز للإنسان أن يصبغ الشيب بالسواد؛ لأن هذا مضادٌ لسنة الله عز وجل، سنة الله أن الإنسان إذا كبر يبيض شعره كما قال زكرياء: {رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً} [مريم:٤] هذا أمر لابد منه، فإذا جاء الإنسان يموه على أنه شاب قام بصبغ اللحية بالسواد؛ لأجل أن من رآه يقول: هذا شاب عمره خمس وثلاثون سنة، وربما يكون له سبعون سنة، أيجوز هذا؟ لا يجوز لأمور: أولاً: إن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد) .

وثانياً: ورد وعيد شديد على من صبغ بالسواد -والعياذ بالله- فهو حرام، وقد قال بعض الشعراء:

يسود أعلاها وتأبى أصولها ولا خير في فرعٍ إذا خانه الأصل

أصوله بيضاء، لابد بعد يومين أن يظهر البياض من الأصول، فأعلاها مسود ولكن خانه أسفل.

أنت على كل حال العبرة بالقوة والجلد، وكم من إنسانٍ كبير السن وشيخ؛ ولكن همته وعمله عمل الشاب، وكم من إنسان بالعكس، إذاً: ما الذي يحرم من الأصباغ؟ الأسود الذي يغير به الشيء، فإن خلط الأسود بأحمر بأن خلط الكتم بالحناء يجوز أو لا يجوز؟ يجوز؛ لأنه ليس أسود خالصاً، وما حكم غير الأسود من الألوان؟ ينظر: إذا كان هذا اللون لا يصبغ به إلا نساء الكافرين صار حراماً، لماذا؟ لأنه تشبه بالكفار، إذا كان هذا الصبغ لا يصبغ به إلا نساء الكافرين صار حراماً من أجل التشبه لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من تشبه بقومٍ فهو منهم) أتدرون ماذا علق على هذا الحديث شيخ الإسلام ابن تيمية؟! قال: أقل أحوال هذا الحديث التحريم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم؛ لأنه قال: فهو منهم، فأقل أحواله أن يكون التشبه حراماً.

أما مسألة قص الرأس، فقص الرأس أيضاً يفصل فيه: إذا كان قصاً عميقاً بحيث يكون هذا الرأس للمرأة كرأس الرجل فهذا حرام، ما الدليل؟ (لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال) .

وإذا كان ليس كذلك لاحظنا أمراً آخر: هل هذا القص يكون على صفة قص نساء الكافرين؟ فهو يكون حراماً لأنه تشبه بنساء الكافرين: (ومن تشبه بقومٍ فهو منهم) ، أما إذا لم يكن مشابهاً لقص نساء الكافرين فقد اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال: القول الأول: إنه محرم.

والقول الثاني: إنه مكروه.

والقول الثالث: إنه مباح.

هذه أقوال ثلاثة ذكرها أهل العلم في هذه المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>