وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لَا قطع فِي ثَمَر مُعَلّق وَلَا فِي حريسة الْجَبَل فَإِذا آواه المراح والجرين فالقطع فِيمَا بلغ ثمن الْمِجَن " وَسُئِلَ عَن الثَّمر الْمُعَلق، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " من سرق مِنْهُ شَيْئا بعد ان يؤويه الجرين فَبلغ ثمن الْمِجَن فَعَلَيهِ الْقطع ".
أَقُول: أفهم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن الْحِرْز شَرط الْقطع وَسبب ذَلِك أَن غير المحرز يُقَال فِيهِ الِالْتِقَاط فَيجب الِاحْتِرَاز عَنهُ.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لَيْسَ على خائن وَلَا منتهب وَلَا مختلس قطع ".
أَقُول. أفهم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه لَا بُد فِي السّرقَة من أَخذ المَال مختفيا وَإِلَّا كَانَ نهبة أَو خطْفَة وَألا يتقدمها شركَة وَلُزُوم حق، وَإِلَّا كَانَ خِيَانَة أَو اسْتِيفَاء لحقه.
وَفِي الْآثَار فِي العَبْد يسرق مَال سَيّده إِنَّمَا هُوَ ملك بعضه فِي بعض.
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اسارق:
" اقطعوه ثمَّ احسموه " أَقُول: إِنَّمَا أَمر بالحسم لِئَلَّا يسري فَيهْلك، فان الحسم سَبَب عدم السَّرَايَة، وَأمر عَلَيْهِ السَّلَام بِالْيَدِ فعلقت فِي عنق السَّارِق أَقُول. إِنَّمَا فعل هَذَا للتشهير، وليعلم النَّاس أَنه سَارِق وفرقا بَين مَا يقطع الْيَد ظلما وَبَين مَا يقطع حدا.
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرقَة مَا دون النّصاب: " عَلَيْهِ الْعقُوبَة وغرامة مثيلة ".
أَقُول: إِنَّمَا أَمر بغرامة المثلين لِأَنَّهُ لَا بُد من ردع وعقوبة مَالِيَّة وبدنية، فَإِن الْإِنْسَان رُبمَا يرتدع بِالْمَالِ أَكثر من ألم الْجَسَد. وَرُبمَا يكون الْأَمر بِالْعَكْسِ فَجمع بَين ذَلِك، ثمَّ غَرَامَة مثله يَجْعَل كَأَن لم لَكِن يسرق وَلَيْسَ فِيهِ عُقُوبَة، وَلذَلِك زيدت غَرَامَة أُخْرَى لتَكون مناقضة لقصده فِي السّرقَة.
وأتى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلص قد اعْترف اعترافا وَلم يُوجد مَعَه مَتَاع، فَقَالَ: مَا إخالك سرقت قَالَ: بلَى فَأَعَادَ عَلَيْهِ مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَأمر بِهِ فَقطع، وجئ بِهِ فَقَالَ. قل اسْتغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ، فَقَالَ. اسْتغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ قَالَ. اللَّهُمَّ تب عَلَيْهِ ثَلَاثًا ".
أَقُول: السَّبَب فِي ذَلِك أَن العَاصِي الْمُعْتَرف بِذَنبِهِ النادم عَلَيْهِ يسْتَحق أَن يحتال فِي دَرْء الْحَد عَنهُ، وَقد ذكرنَا قَوْله الله تَعَالَى: