للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ، وَلَا عِبْرَة بالجسد إِلَّا بِالروحِ، وَرُبمَا تفِيد النِّيَّة فَائِدَة الْعَمَل وَإِن لم يقْتَرن بهَا إِذا كَانَ فَوته لمَانع سماوي دون تَفْرِيط مِنْهُ، وَهُوَ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" إِن بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مسيرًا وَلَا قطعْتُمْ وَاديا إِلَّا كَانُوا مَعكُمْ حَبسهم الْعذر " وَإِن كَانَ من تَفْرِيط فَإِن النِّيَّة لم تتمّ حَتَّى يَتَرَتَّب عَلَيْهَا الْأجر

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" الْبركَة فِي نواصي الْخَيل " وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام:

" الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة الْأجر وَالْغنيمَة ".

اعْلَم أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث بالخلافة الْعَامَّة، وَغَلَبَة دينه على سَائِر الْأَدْيَان لَا يتَحَقَّق إِلَّا بِالْجِهَادِ وإعداد آلاته، فَإِذا تركُوا الْجِهَاد، وَاتبعُوا أَذْنَاب الْبَقر أحَاط بهم الذل؛ وَغلب عَلَيْهِم أهل سَائِر الْأَدْيَان.

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من احْتبسَ فرسا فِي سَبِيل الله إِيمَانًا بِاللَّه وَتَصْدِيقًا بوعده فَإِن شبعه وريه وروثه وبوله فِي مِيزَانه يَوْم الْقِيَامَة ". أَقُول: ذَلِك لِأَنَّهُ يتعانى فِي علفه وَشَرَابه وَفِي روثه وبوله، فَصَارَ عمله ذَلِك متصورا بِصُورَة مَا تعانى فِيهِ، فَيظْهر يَوْم الْقِيَامَة كل ذَلِك بصورته وهيئته، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" إِن الله يدْخل بِالسَّهْمِ الْوَاحِد ثَلَاثَة نفر الْجنَّة، صانعه يحْتَسب فِي صنعه والرامي بِهِ ومنبله "

وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " من رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله فَهُوَ لَهُ عدل مُحَرر " أَقُول: لما علم الله تَعَالَى أَن كبت الْكفَّار لَا يتم إِلَّا بِهَذِهِ الْأَشْيَاء انْتقل رضَا الْحق بِإِزَالَة الْكفْر وَالظُّلم إِلَى هَذِه.

قَالَ الله تَعَالَى: {لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج وَلَا على الْأَعْرَج حرج وَلَا على الْمَرِيض حرج} .

وَقَالَ الله تَعَالَى: {لَيْسَ على الضُّعَفَاء وَلَا على المرضى وَلَا على الَّذين لَا يَجدونَ مَا يُنْفقُونَ حرج} .

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لرجل:

" أَلَك والدان؟ قَالَ. نعم، قَالَ ففيهما فَجَاهد ".

أَقُول: لما كَانَ إقبالهم بأجمعهم على الْجِهَاد يفْسد أرتفاقاتهم وَجب أَلا يقوم بِهِ إِلَّا الْبَعْض، وَإِنَّمَا تعين غير الْمَعْلُول بِهَذِهِ الْعِلَل لِأَن على أَصْحَابهَا حرجا وَلَيْسَ فيهم غنية مُعْتَد بهَا لِلْإِسْلَامِ بل رُبمَا يخَاف الضَّرَر مِنْهُم

<<  <  ج: ص:  >  >>