ولم يَعُد الإيمان هو الإيمان الذى تزكو به النفس، أو يصلح به العمل، أو ينهض به الفرد، أو تحيا به الأمة.
ولقد كان من أثر الخلافات السياسية، والعدول عن نهج الفطرة، والتأثر بالمذاهب الطارئة، وتحكيم العقل .. أن انقسم حملة العقيدة إلى مدارس مختلفة، كل مدرسة منها تُمثِّل لونًا معينًا من التفكير؛ وتستأثر هى وحدها بالحق دون غيرها فى زعمها، ومن لم يدخل فى دائرة تعاليمها يُعَدّ فى نظرها خارجًا عن الإسلام: فمدرسة لأهل الحديث، ومدرسة للأشاعرة، ومدرسة للماتريدية، ومدرسة للمعتزلة، ومدرسة للشيعة، ومدرسة للجهمية .. إلى آخر هذه المدارس المختلفة المتعددة المذاهب والمتنوعة الآراء:
وكل يدّعى وصْلاً بليلَى ... وليلى لا تُقرّ لهم بذاكا
إذا اشتبكت دموعٌ فى جفون ... تَبيّن من بكى ممن تباكا
وأشهر الخلافات التى وسَّعَت الهُوّة بين الأمة الواحدة، هو ما وقع من خلاف بين الأشاعرة والمعتزلة.
وكان أهم الموضوعات التى ثار حولها الخلاف هى ما يأتى:
١ - هل الإيمان تصديق فقط، أو هو تصديق وعمل؟
٢ - هل صفات الله الذاتية ثابتة، أو منفية عنه؟
٣ - هل الإنسان مُسيّر، أو مُخيّر .. ؟
٤ - هل يجب على الله فعل الصلاح أو الصلح، أو لا يجب؟