والإنسان بمقتضى خلافته عن الله فى الأرض مكلف بأن ينمى فى نفسه معانى البِرّ، والصواب، والخير، والطاعة، والتقوى؛ وأن يقاوم نوازع الإثم، والخطأ، والشر، والفجور، حتى يبلغ الكمال الروحى الذى أراده الله له.
وفى هذه المعركة يتدخل الشيطان، ليصرف الإنسان عن تنمية قواه العليا من جانب، وليضعف من روح المقاومة بطريق الخداع والإغراء والتزيين من جانب آخر.
ومن ثم كان واجبًا على الإنسان أن يحذر مكايد الشيطان، ويعرف أساليبه التى يتخذها، ليصرف الإنسان عن وظيفته الأولى فى هذه الحياة.
فإذا زلّت به قدم، أو تورط فى الإثم، أو جانبه صواب، أو مارس شرًّا، أو اقترف معصية، أو ارتكب فجورًا .. فأمامه السبيل الذى رسمه له أبوه آدم من التوبة، واستئناف حياة أزكى وأطهر .. وبهذا يخلص الإنسان من سلطان الشيطان وسيطرته عليه.
* مقاومة الشيطان:
إن الله لم يذكر فى القرآن النفس الأمارة بالسوء، ولا النفس اللوامة إلا مرة واحدة، ولكنه ذكر الشيطان وكرر التحذير منه فى صور متنوعة، وما فعل ذلك إلا ليكون الإنسان منه على حذر، كى لا يضل، ولا يشقى؛ ذلك أن عمل الشيطان فى النفس مثل عمل الميكروب فى الجسم، والميكروب ينتهز فرصة ضعف الجسم فيهجم عليه محاولاً القضاء عليه والفتك به، ولا خلاص للجسم من عمل الميكروب إلا إذا كانت له حصانة، وفيه مناعة تبطل عمل الميكروب، وتقضى على ضراوته.
وكذلك الشيطان ينتهز فرصة ضعف النفس ومرضها، فيهجم عليها محاولاً إفسادها.