للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن سعادة الإنسان لا تتم إلا بكبح جماح النفس، والتغلب على هواها باتباع وحى الله، ومحاربة نزغات الشيطان.

{وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ *وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} (١).

{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ *مَلِكِ النَّاسِ *إِلَهِ النَّاسِ *مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ *الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ *مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ *} (٢).

* حكمة خلق إبليس:

وقد يقال: لِمَ خلق الله إبليس يوسوس بالشر؟ ويدعو إلى محادة الله، ومحاربة تعاليمه؟ وقد أجاب عن ذلك بعض العلماء فقالوا أنه يظهر للعباد قدرة الله تعالى على خلق المتضادات المتقابلات، فخلق هذه الذات التى هى أخبث الذوات وسبب كل شر، فى مقابلة ذات جبريل عليه السلام التى هى من أشرف الذوات وأطهرها وأزكاها، وهى سبب كل خير، فتبارك الله خلق هذا وهذا؛ كما ظهرت قدرته فى خلق الليل والنهار، والدواء والداء، والحياة والموت، والحسن والقبيح، والخير والشر .. وذلك من أدل دليل على كمال قدرته وعزته وملكه وسلطانه، فإنه خلق هذه المتضادات، وقابل بعضها ببعض، وجعلها مجال تصرفه وتدبيره، فخلو العالم عن بعضها بالكلية تعطيل لحكمته وكمال تصرفه وتدبير مملكته.

ومنها ظهور آثار أسمائه القهرية مثل: القهار، والمنتقم، والعدل، والضار، والشديد العقاب، والسريع الحساب، وذى البطش الشديد، والخافض، والرافع، والمعز، والمذل؛ وأن هذه الأسماء والأفعال كمالات لابد من وجود متعلقها، ولو كان الجن والإنس على طبيعة الملائكة لم يظهر أثر هذه الأسماء.


(١) سورة المؤمنون - الآية ٩٧، ٩٨.
(٢) سورة الناس.

<<  <   >  >>