للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالروح من أمر الله الذى لا يعلمه غيره، ولم يطلع عليه أحدًا سواه، ولم يُعط الإنسان الوسائل التى توصله إلى هذا اللون من العلم والإحاطة به، فعلم الإنسان قليل ومحدود، وهو لم يدرك حقيقة المادة، ولا الكون المحسوس المحيط به، فكيف يتطلع إلى إدراك سر من أسرار الله، وغيب من غيوبه؟!

إن كل ما يمكن أن نعرفه عن الروح، هو أنها تحل فى الجسم، فتدب فيه الحياة، ويظهر فيه الإدراك، والوعى، والتفكير، والعلم، والإرادة، والاختيار، والحب، والبغض، وأنها تفارق الجسم، فيتحول إلى مادة هامدة جامدة كسائر المواد.

ومن ثم فقد كانت الروح هى المميزة للإنسان عن غيره فى هذا العالم، وبها صار عالمًا وحده، وبالروح أسجد الله للإنسان ملائكته، وسخر له ما فى السماوات وما فى الأرض جميعًا منه، وجعله سيد هذا الكون، وخليفته فى الأرض.

{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ *فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} (١).

وقد عرّفها العلماء من المسلمين، بأنها ذات مجردة عن المادة، وأنها جسم نورانى علوى حى، يغاير هذا الجسم المادى، ويسرى فيه سريان الماء فى العود الأخضر، لا يقبل التحلل ولا الانقسام، يفيض على الجسم الحياة وتوابعها، مادام الجسم صالحًا لقبول الفيض.

* العلم الحديث والمباحث الروحية:

ووجود الروح متفق عليه فى الأديان السماوية كلها.

وظل الملايين من البشر يعتقدونه، ويؤمنون به منذ عرفوا هذه الأديان، حتى


(١) سورة الحجر - الآية ٢٨، ٢٩.

<<  <   >  >>